اعترف للمرة الألف.. أن حالة القرف من الكتابة تتلبسني بشكل غير مسبوق.. ولا أريد أن أقف عند كل الاسباب التي أعلمها.. ولكن أكثر سبب طاعج مخّي و مخليني ألفّ وأدور حول نفسي مليون مرة في ثلاث دقائق ؛ أن نوعية كتاباتنا لا ترى لها تأثيرًا سريعًا على المسؤول ..بينما ترى تأثيرها الأسرع من السريع على القارئ الذي وضعه مثل وضعك ..
مرات كثيرة أشعر بأنني مخدرات ..وأنني مسكن ألم ..وأنني حبة إسبرين لا طلعت ولا نزلت ..مهما علوت أو تفصحنت فما أنا إلا مرّاق طريق سكب صعلكته على جوانب الطرقات وهو يمضي إلى حيث لا أعلم ..
عشرات القراء يسألونك عن الحل في كل شيء ..يريدونك بعصا سحريّة ..يلجؤون إليك معتقدين أن الناس اللي فوق مخصصة تلفونًا ( اسبشل ) لنا ..وأن خطّا مفتوحًا بيننا و بينهم ..ولا يعلمون أننا مثل بقية خلق الله في هذا الوطن ؛ نبحث عن واسطة لكي توصلنا إلى واسطة تعرف واسطة تتوسط لنا عند واسطة توصلنا لواسطة واصلة للواسطة ..
صدقوني ..أشعر بالقرف ..و أشعر بالغثيان أكثر ..عندما أعجز في أية لحظة عن حل مشكلة أصغر من الصغيرة لشخص توسّم فيّ خيرًا و اعتقد أن دربي خضراء مع الكبار ..وهو لا يعلم أن الكبار لهم محاسيبهم ..ولا يردون على تلفونات أمثالي إلا من باب المجاملة أو الخوف من لطشهم وقت غضب ..
الكاتب الساخر أعجز بني آدم على وجه الأرض..ولو كان غير ذلك لما أصبح ساخرًا ..فالسخرية و الواسطة لا يلتقيان ..إلا في ملعب الكتابة فقط حينما يتوسط الكاتب لدى القلم لكي يصبح أكثر جرأة و غضبا ..
(الدستور)