لو حسب العرب كلفة تحريك طائرات الزعماء العرب ، الى القمم العربية ، وكلفة وفودهم من مياومات ومكافآت ، لانفقت هذه المبالغ على القدس ومن فيها.
مؤسسة جامعة الدول العربية ، هيكل عظمي بائس ، والعرب يشددون في سرت على اجراء الاستفتاء في السودان ، وان يكون نزيهاً ، بحيث من المؤكد ان يصوت الجنوبيون على الانفصال عن الشمال.
التصويت معروفة نتائجه ، وهاهم العرب يغطون الانفصال ، عبر قمة عربية ، بالتأكيد على موعده ونزاهته وشفافيته.
هذا الذي يأتينا من القمم العربية.بدلا من تثبيت وحدة السودان ، ودعم السودان مالياً وسياساً وعسكرياً للبقاء موحداً ، يشرعن العرب الانفصال في قمة عربية ، ويمنحون الاستفتاء شرعية مسبقة.
قد يخرج علينا الحوثيون غداً في اليمن ويطالبون بدولة ، ويخرج مناضلو شط العرب ويطالبون بدولة اخرى ، وقد يخرج اكراد سوريا ويطالبون بدولة ، ولربما يخرج ايضا اقباط مصر العزيزة ويطالبون بدولة.
قد نسمع من قمم العرب في وقت لاحق ، دعوات تكرس الانفصالات ، وتغطيتها بشرعيات بائسة ، غير قادرة حتى على الحفاظ على "دونم الارض" التي تقام فيه هذا الجهورية او تلك.
الى متى الضحك على الذقون؟ اذا كان العرب كرسوا الانفصالات والتقسيمات في مايزيد عن عشرين دولة ، فأن هواية التقسيم لم تقف عند هذا الحد ، فما زال الدور المرسوم في بداياته.
العالم العربي سيصل الى خمسين دولة اذا بقي الحال على ماهو عليه ، لعقدين مقبلين ، لان انعدام العدالة ، وقمع الشعوب ، والتمييزات على اساس ديني وعرقي ، تمييزات مدروسة من اجل ان تولد غضباً تتم تغذيته من الخارج ، تكون نتيجته تفتيت الكيانات.
لو اختصر العرب علينا هذه القمم ، لكان افضل.لان القمم المتواصلة كبدت الشعوب نفقات مالية هائلة ، ولم تعلن حرباً على احد ، بل ذهبت بعيدا الى تقسيم المقسم اصلا.
اذا كان الرئيس السوداني اليوم في ورطتين احداهما مر ، الحرب او الانفصال فان العرب يدفعون جنوب السودان نحو الانفصال بأهله وثرواته ، وكأن هؤلاء يضمنون ان الدور لن يأتي عليهم.
ومع ان القمة العربية اكدت على وحدة السودان واستقلاله ، الا انها نسفت "الكلام المعسول" بدس السم حين تم التأكيد على مبدأ الاستفتاء ، وهو استفتاء معروفة نتائجه مسبقاً.
فرق كبير بين ان تكون عربياً بحق ، وبين ان تكون عربياً وكيلا للخارج في الداخل العربي.
mtair@addustour.com.jo
الدستور