متى ترتبط الرواتب بالتضخم ?
هاشم خريسات
12-10-2010 05:36 AM
قضية ربط الرواتب بالتضخم في طريقها الى ان تصبح هي الاخرى من المعضلات المزمنة, بعد ان تم طرحها بقوة منذ عدة سنوات في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة وجمود الدخل في مواجهتها, لان الحكومات المتعاقبة ظلت تتجاوزها سنة بعد اخرى, على اعتبار ان الظروف المالية لموازنة الدولة ما زالت غير مواتية بعد لاتخاذ مثل هذا الاجراء الضروري, في الوقت الذي يعترف فيه الجميع بأن العائدات الوظيفية تتآكل بوتيرة عالية لتزيد من اختلالات البنية الاجتماعية, التي ادت الى تضاؤل الطبقة الوسطى شيئا فشيئا مقابل اتساع هوامش الفقر وجيوبه العصية على الحلول.!
اذا كان العام الماضي قد تميز بحدود دنيا للتضخم اجمالا, فان العام الحالي 2010 يسجل علامات بارزة في ارتفاع معدلات التضخم التي تقترب وفقا للاحصائيات الرسمية المعتمدة من حوالي 6% منذ بداية السنة وهي في طريقها الى المزيد خلال الاشهر المتبقية منها, نظرا لارتفاع الاسعار القياسي الذي شهدته بعض المواد التموينية الرئيسية التي لا يمكن الاستغناء عنها, مما يرجح ان الامور في طريقها الى ضيق معيشي للغالبية العظمى ممن يعتمدون على رواتبهم المحدودة في القطاعين العام والخاص على السواء.!
الامور المتسربة عن اجتماعات اللجان القطاعية التي شكلها مجلس الوزراء للنظر في مشروع موازنة العام القادم 2011م, تشير الى ان زيادات الرواتب ستكون ضمن المعدلات الطبيعية الهامشية, وانه بناء على ذلك لن يتم ربطها بنسبة التضخم لأن العجز المالي المتفاقم يحول دون ذلك, مما يؤجل الى اشعار اخر مرة اخرى الاقتراب من معاناة معظم الاسر الاردنية التي لم تعد مداخيلها المكدودة قادرة على ملاحقة الارتفاع المتواصل في تكاليف المعيشة من دون اي تعويض مهما كان نوعه, لتزداد ظروفها قسوة مع النفقات المتزايدة التي لا تقف عند حدود القدرة على الاحتمال.!
نتائج احدث دراسة ميدانية اجرتها الجمعية الوطنية لحماية المستهلك مؤخرا في هذا الشأن وشملت 96 سلعة غذائية مهمة, اظهرت ان اسعار 32 سلعة سجلت ارتفاعا بنسبة33 بالمئة مقابل انخفاض ثماني سلع فقط لا غير بنسبة 14% في حين ثبتت اسعار 56 سلعة على ارتفاعاتها السابقة, وكان واضحا ان التركيز في الغلاء المستشري طال اهم الاغذية ومنها الخضار واللحوم والدواجن والسكر والقهوة وغيرها من مستلزمات تموينية, وهذا ما ستكون له انعكاساته على التضاؤل الذي يفرض نفسه دوما على الرواتب المتآكلة, مع تزايد في نفقات اسرية اخرى لا تقل اهمية عن الغذاء من اجل استمرار الحياة الطبيعية.!
اذا ما اضفنا الى ذلك ان الحكومة عازمة على اصدار فاتورة شهرية للمياه اعتبارا من مطلع العام المقبل, ستزيد الاعباء ايضا رغم التطمينات التي تذهب في كثير من الاحيان ادراج الرياح, والتهيئة لاجراء زيادات على الفاتورة الكهربائية بدأت ملامحها تلوح في الافق, فان العام المقبل سيحمل في طياته الكثير من المفاجآت التي ترهق جيوب الموظفين فوق ما هي عليه, خاصة ان العام الحالي قد شهد زيادات قياسية في الضرائب والرسوم التي تعتمد على دخل المواطنين, وهذا كله يصب في جعل مسألة ربط الرواتب بمعدلات التضخم اولوية لا بد من اخذها بعين الاعتبار, حتى لا تظل شعارات تحسين المستوى المعيشي بلا اي تنفيذ.!0
Hashem.khreisat@gmail.com
العرب اليوم