الحكومة وتحديات الحيوية ومفهوم جديد للمراحل
سامح المحاريق
12-10-2022 12:08 AM
على غير العادة استقبل الأردنيون نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية بشيء من الاهتمام مرده ليس النتيجة في حد ذاتها، بقدر ما كان التوقيت هو العامل الأساسي، على الرغم من أنه توقيت روتيني يتزامن مع مرور عامين من عمر الحكومة.
يأتي التوقيت وكأنه يذكر الأردنيين ويدفعهم ليقولوا سويةً: كم لبثنا؟ فالوقت في ظل تغيب العلامات الفارقة في منجزات الحكومة يبدو بطيئاً، ومع الأزمات المتكررة ثقيلاً كذلك.
السؤال الملح، يتعلق بردة فعل الحكومة نفسها على النتائج، ولعل رئيسها الدكتور بشر الخصاونة لم يشعر بالمفاجأة تجاه النتائج، وبالقطع، لم تحبطه، فالحكومة التي حملت على عاتقها الخروج بأقل الخسائر من أزمة كورونا التي بدأت عاصفتها الكبيرة داخل الحكومة السابقة، وتفجرت في وجه حكومة الخصاومة، ترى أنها فعلت الكثير على هذا الصعيد، ولكن الأمر بالنسبة للمواطنين يشبه التفكير في التكلفة الغارقة، أي تخيل الأمور لو كانت أسوأ، وهو تخيل يصادره الرئيس نفسه على الناس من خلال ذهنيته الدبلوماسية.
الأمور سيئة، هكذا يفكر المواطنون، ويرون أن الحكومة بوتيرة أدائها السابقة، لا تستطيع أن تمضي قدماً في تنفيذ مشروعات طموحة مثل الإصلاح السياسي والاقتصادي، وليس مطلوباً من المواطن الذي يرى أبناءه عاطلين عن العمل أن يفهم التوازنات السياسية التي ترافقت مع وضع هذه الخطط، ولا يمكن لومه على التعجل في ثمارها، خاصة أن المواطن دخل في موجات متلاحقة من الأمل امتدت منذ 1989 وما زالت تتفاعل إلى اليوم، وما كان يمكن أن يفهمه من تعلل بالظروف الإقليمية في التسعينيات ليس مقبولاً ولا مفهوماً اليوم، فالظروف الإقليمية لا تصلح أن تكون الرافعة الأساسية للتنمية في الأردن، ويفترض لشعار مثل الاعتماد على الذات الذي أطلق قبل سنوات أن يكون دخل حيز التنفيذ وأن تكون ظهرت معالمه اليوم.
الحكومة التي شاركت في وضع خرائط الطريق للمستقبل وحملتها إلى مجلس النواب، يفترض أنها تدرك أن فرصتها كبيرة في أن تعمل على تنفيذها أو إطلاقها على الأقل، ولكن هل تصلح الحكومة بوضعها الراهن على تحمل هذه المسؤولية، خاصة وأن بعضاً من ممثليها حضروا بأدوار تعطيلية في بعض المحاور، والبعض الآخر اعتراهم شعور بانتهاء أدوارهم بمجرد تقديم وثائقهم التي حملت تصورات تحتاج المباشرة إلى تطبيقها عملياً.
جميع الحكومات ومنذ أعلنت خطة الإصلاح السياسي هي انتقالية بطبيعتها، ويفترض بالرئيس أن يعيد إشاعة هذه الروح داخل فريقه، وداخل كامل منظومة السلطة التنفيذية، والشعور باستنفاد المرحلة لا يجب أن يصبح طابعاً للإدارة.
التفاوت فيما يتوقعه المواطن وما تنجزه الحكومة يجب أن يتقلص إلى الحدود الدنيا من خلال الخروج من الحساسية الضعيفة لعامل الوقت إلى حساسية مرهفة تشبه التي يمتلكها العداؤون في سباق التتابع.
حكومات تعمل وكأنها باقية إلى الأبد يجب أن تكون روح جميع الحكومات الانتقالية حتى لو غادرت بصورة مفاجئة، والرئيس أمامه فرصة لتغيير مفهومه تجاه التمرحل الخاص بالمرحلة القادمة، واستعادة الثقة، أما التغيير أو التعديل فجميعها أمور ترتبط بالصورة الأبعد من السلطة التنفيذية لأنها ديناميكيات اجتماعية واقتصادية معقدة.
الاستطلاع ونتائجه فرصة من أجل استعادة الرؤية وتوجيهها في السياق الصحيح، وتقييم العامين الأخيرين، على مستوى الحكومة بوصفها وحدة وظيفية مستقلة، وعلى مستوى الدولة بوصفها كيانات عضوية يجب أن تعمل بشكل حيوي، والحيوية المستمرة متطلب ضروري من أجل تحقيق أهدافنا، واختصار الوقت الذي يشكل عبئاً على الأردنيين يحتاجون لتحمله مبادرات ملموسة ونتائج مقبولة عوضاً عن الكلمات الطيبة بالغة الدبلوماسية والعاطفية.
(الراي)