اذا كانت اسقاطات كورونا جاءت بالحزب الديمقراطي لسدة الحكم فيبدوا ان تداعيات أوكرانيا ستجعل الغلبة للحزب الجمهوري في الكونغرس الامريكي هذا ما تقوله السياقات السياسية لحالة المشهد الانتخابي في الولايات المتحدة، وهو ما يعني ان الاقطاب العالمين اصبحت في داخل المشهد الامريكي وليست في خارجه، وكما ان الاطار الناظم للسياسات العالمية اصبح بين اتجاهين احدهما ازرق وهو ما يمثله الحزب الديمقراطي وأما الآخر فهو الاحمر هو الذي يمثله الحزب الجمهوري .

فالاتحاد الاوروبي وحتى الصين باتت تدور كما يصف ذلك بعض السياسيين بالفلك الازرق بينما روسيا واليمين الاوروبي تذهب بالاتجاه الاحمرـ والامر ذاته يسقط على انظمة الشرق الاوسط التي أخذ معظمها ينحاز للتوجه الاحمر بينما تقف المركزية منها في الاتجاه الازرق الامر الذي يجعل من صورة المشهد العام فيها من الاستقطاب الحاد كما فيها من التجاذب بواقع انحياز، وهذا ما يمكن مشاهدته من واقع الحراك والتحرك السياسي القائم على الاستقطاب والتجاذب في امريكا اللاتينية وافريقيا التي غدت ترفع فيها الاعلام الروسية في بوركينا فاسو بتاييد من بعض قادة التيار الاحمر .

فالحزب الديمقراطي كما يشكل مرجعية لتيار عالمي واسع يشكل عنوان عريض لجملة استراتيجية تقوم على التغير الناعم كما يعمل الحزب الجمهوري ضمن ايقاعات مركزية تستند للتغيير الفض بتكوين مرجعيات ناظمة للسياسات العامة، كما ان كلاهما يحوي منهجية متباينة عن الآخر في العقدة الرابطة كما في السياسية العامة، فالازرق يقف على المواطنة بينما الاحمر يقوم على العرقية كما تقوم منهجية الازرق على اولوية الاصلاحات السياسية عن الجانب الاقتصادي فيما يقوم برنامج الاحمر في الشق الخارجي على التنمية قبل الاصلاح السياسي طالما كان الاستقرار حاضرا والسياسات العامة مع التوجه القائم.

ومن على هذه التباينات المنهجية ومناخات الاستقطاب السياسية يقف العالم بين هذا التوجه وذاك بالانتخابات الامريكية التي يصوت فيها المواطن الامريكي وحده بينما يشارك فيها العالم اجمع بطريقة ضمنية إما مادية أو لوجستية او عبر عمليات استخبارية تسقط بظلالها على المشهد الانتخابي هناك، فتعمل على دعم هذا التوجه او تصنع مثلبة لذاك الاتجاه بهدف اعاقة حركته، لكن الجميع يشارك اما بتفاعلية تجعله يحقق عائدا عند الفوز او باسلوب مراقبة تجعله محايدا فيضمن البقاء في المساحة الرمادية في اطار المجال الحيوي للمناورة .

فيما يتوقع الكثير من المتابعين ان يشرع الحزب الديمقراطي بتفيذ برنامجه في النصف الثاني من عمر جلوسه في سدة الحكم بطريقة حاسمة بعد انتهائه من تحديد مجالاته الامنية في النصف الاول، وهذا ما يعني ان الادارة الامريكية ستكون على موعد من اتخاذ قرارات ستطال الكثير من القضايا العالمية وينتظر ان يتحول نهجها السياسي من جمل عامة لايقاعات تنفيذية تطال ملفات امنية وسياسية في كثير من القضايا العالقة.

وهي القضايا التي كانت تقف في مساحات المناورة او تلك التي كانت تدار بمفهوم الوكالة، فهل هضم التيار الازرق أوكرانيا وسيقوم بتسديد وجبة مفصلية حاسمة في النصف الثاني القادم؟، هذا ما ستجيب عنه جعبة الحاوي في المطبخ السياسي للتيار الازرق اذا ما نجح بإحتواء جملة التعاطي مع مشهد أوكرانيا دون خسائر عميقة.