ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم هو ميلاد لأمة عظيمة سادت الدنيا عندما اتبعت نهجه ونهلت من منهله وشربت دعوته وانحطت إلى الحضيض حينما خرجت عن هذا المنهج وغلبتها الدنيا بمفاتنها وعوراتها فهانت وتهالك هيكلها واندثر.
العبرة ليست في الاحتفالات وتوزيع الحلوى وتوجيه التهاني وإقامة الولائم وتزيين الكلام وبث الأقوال في صفحات التواصل الاجتماعي وإلقاء الخطابات بينما النفوس منزوعة من الحسن والجمال والعمل والجد والمنهج الذي وضعه صاحب الذكرى العطرة.
لننظر إلى ما قاله جعفر بن أبي طالب لملك الحبشة النجاشي: "ايها الملك كنا أهل جاهلية نعبد الاصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الارحام ونسيء الجوار ويأكل منا القوي الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، دعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد واباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا ان نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا وامرنا بالصلاة والركاة والصيام، فصدقناه وآمنا به واتبعناه فعبدنا الله وحده وحرمنا ما حرم علينا واحللنا ما احل لنا".
هكذا هو حب النبي باتباع نهجه والسير على هداه ولكننا في هذه الأيام نحمل فتاتا قليلا ونغلب الأقوال على الأفعال فتجد من يصلي الخمس في المسجد ويعق أباه وأمه ويقطع رحمه ويشهد الزور ويأكل المال الحرام، ثم يفتتح صفحات التواصل الاجتماعي بالدعوات ويقول اقوالا تحسبها تصدر من عابد قانت متق ورع لا يخشى في الحق لومة لائم، ولكن هيهات هيهات فهو غارق في نقيض ما يقول ويفعل أفعالا لا تستقيم مع نهج المصطفى ودعوته.
الذكرى العطرة هي مفتاح لقلوبنا علها تجد ضالتها في الاستقامة وترويض النفس على ما يصونها ويحفظها من الولوج في الأفعال غير المحمودة والسلوك المشين.