من حرب بالوكالة الى حرب بالمواجهة ومن عمليات امنية محدودة الى مواجهة عسكرية مفتوحة تلك هي العناوين العريضة التي تطغى على المشهد العام وذلك مع احتدام حالة المواجهة الحدودية واتساعها لتشمل البنية التحتية المدنية بقطع الجسر الواصل في جزيرة القرم وهذا يأتي بعد اختفاء الغواصة النووية الروسية في المحيط الشمالي وقرار الاوبيك بخفض الانتاج النفطي وهو ما تم تفسيره في سياق رفع الوتيرة العسكرية وينذر بالانتقال بحالة المواجهة.

الأمر الذي جعل الغرفة الاستخبارية الحمراء تتحدثت عن اماكنية تصفية استخبارية تطال عناوين الصراع الدائر (بوتن وزيلنسكي) بهدف انتهاء دوامة العنف التي باتت تهدد الامن العالمي وهو ما جعل من اوراق المعادلة تخطت من جديد بعد التسريبات العسكرية التي تحدثت عن امكانية سيطرة الناتو على الجيوب المتاخمة للاقاليم الاوكرانية المحتلة الاربعة من الاراضي الروسية بهدف فصل ما تم ضمه من اراضي اوكرانيا عن الجغرافيا السياسية الروسية وذلك لاجهاض محاولات روسيا بالتمدد.

وهو ما بينه الخبير الاستراتيجي جو بولتن عندما تحدث عن ضرورة التصدي لمحاولات الرئيس بوتن لان ذلك سيشجع الدول الاخرى التي تمتلك السلاح النووي مثل الصين وكوريا الشمالية وايران لاتباع ذات السياسة الاستعمارية في حال مرت سياسات الرئيس بوتن دون روادع دولية بحيث تضع حدا فاصلا لسياساته وهي السياسات التى كان قد انتهجها عام 2014 وعاد ليمارسها في فبراير الماضي لاسيما بعد فشل الولايات المتحدة باحتواء الازمة قبل وقوعها فأن مسألة وضع حد لهذه السياسية اصبحت امرا واجبا لحفظ السلم العالمي وللمحافظة على مناخات الاستقرار الدولي.

حالة الاحتدام الامني والعسكري التى يشهدها العالم بدأت تاخذ ابعادا استقطابية اخرى وتشكل دوامات مركزية جاذبة واخرى طاردة للدول الاقليمية ذات الرواسي المركزية وهذا ما كان واضحا برسالة الناتو للدولة التركية في مؤتمر فيينا الذي تحدث عن ضرورة التقيد بارضية المعركة التي يواجهها الناتو كما بين اهمية الاصطفاف المنضبط فان الوقت لم يعد يحتمل مناورات سياسية الامر الذي يجعل من الصورة الكلية تزداد حدة وتبعد المناخ السياسي التفاوضي عن جملة انهاء فتيلة الازمة الامنية.

أوروبا التي بدأت تتخذ خطوات طوارئ وتتحدث عن أمكانية انقطاع للتيار الكهربائي حتى في لندن اخذ يخيم على اجواءها مناخات معيشية استثنائية مع الزيادة الملحوظة على السلع الغذائية وارتفاع اسعار المشتقات البترولية والامر ذاته اخذ يسقط بظلاله على الولايات الامريكية التي اعلنت ادارتها عن استخدام الاحتياطي البترولي الاستراتيجي لسد النقص الحاصل نتيجة قرار اوبيك بتخفيض الانتاجية كما بدأ الحديث في اروقة الكونغرس عن ضرورة معاقبة دول التوبيك التي وصفت بالمصطفة مع الجانب المعادي.

وما بين نظرية الاحتواء وامكانية العودة الى ما قبل خطوط الرابع والعشرين من فبراير والاصوات التي تنادي بضرورة التصدي بالمواجهة العسكرية الشاملة او الاستخبارية الحاسمة يدور الحوار في غرف بيت القرار الامريكي بين مؤيد لهذا التوجه واخر يرى في الحسم العسكري واجب قومي ودولي ملزم.

وهو ما اسقط بظلاله على المناخات الانتخابية النصفية التي بدأت تتحدث في حملاتها عن ضرورة الوقوف مع الرئيس الامريكي بهذه المرحلة لما يمثله من عنوان سياسي يجب دعمه وهو جعل من شعبية الرئيس بايدن تعود من جديد عن مستويات متقدمة بعد ما كانت قد وصلت للحدود الدنيا قبل شهر باستطلاعات الرأى العام.

فإن ضرورة الالتفاف حول رمزية الرئيس ومركزية البيت الابيض باتت تشكل عنوان الانتخابات النصفية القادمة واخذ ما يعطي صورة جامعة للولايات المتحدة وتسهم بانهاء درجة الانقسام الحادة في المجتمع الامريكي التي كانت تقف عليها في الانتخابات الرئاسية وهو ما يعد انتصارا حقيقيا لادارة الرئيس بايدن تجاه ردمها للانقسام وترميمها لوحدة الصف الامريكي فان ايقاع الحرب الدائرة في أوكرانيا قام بتوحيد الصف العام واعاد المرجعية لرئيس الدولة.