بل فترة من الزمن أصيب والدي بمرض في صدره،وبعد مراجعة الطبيب والذي توقع كما صح أنها مشكلة في القلب فتم تحويله إلى مستشفى المدينة الطبية.
هنالك في ذلك الصرح الكبير ، أطباء قضوا سنين طويلة من حياتهم في الدراسة والتدريب قبل أن يقفوا مشخصين لأي حالة مرضية.
و أطقم من الفنيين المهرة، وأجهزة في غاية التقنية، وفحوصات كثيرا جداً، وبعد التشاور والتأكد من الفحوصات الطويلة أعطي أبي دواءً خاصاً بأعراض ألام القلب وبعد ثلاث اشهر تم تحويله إلى قسم القسطرة وإجراء عملية لتأكد من سبب الآلام وبعد كل هذا العناء تمكن فريق الأطباء من التأكد من سبب الألم وهو انسداد في الشريان التاجي وحول الملف إلى قسم الجراحة.
بعد فترة من الزمن ذهبت إلى أحد محلات العطارة لأشتري زيت خس أضعه على أخر ما تبقى من شعري الذي يحاول مقاومة جيوش الصلع حتى يصبح شعري لامعاً.
كان محل العطارة ممتلئ بالزبائن وخاصة النساء .العطار أو من كان يقوم بدوره وهو شاب صغير لا يتجاوز الصف العاشر، تشكوا له النساء أمراضهن وهو يذهب فورا إلى مجموعة من الأكياس الموجودة في الخلف ليصنع خلطة مكونة من أسماء لم اسمعها إلا في مسلسل سندباد وحكايات كان يما كان منها رجل حمامة وغيرها .....
الغريب العجيب أن الشاب لا يكلف نفسه حتى التأكد من الحالة؛ يسمع جملة واحدة من أعراض تصاحب أي مرض منها عدم شعور برغبة لطعام- صداع-الم في المفاصل
و يجيب فورا : " بسيطة! هذه بدها خلطة ،وخلال يوم إلى يومين وترجعي يا حجة مثل الحصان" .
ويذهب لوضع مكونات الخلطة(شعرة نسر مع سن ضبع ورموش تنين وسيجارة ملك الجان) وطبعا لا بد دوما أن يرافق أية خلطة مرتبان عسل.
سعر الخلطة تحدد حسب لهفة الزبون وهو يشكو مرضه للشاب العطار الذي لا يعجز عن أي مرض ولا تحيره أية أعراض، لا يوجد أي شاردة أو واردة في الطب إلا ويعرفها.
بعض النساء المسكينات يخبرنه انه ذهبن إلى بعض الأطباء فيرد الشاب بعصبية (وشو معرفه هاذ ول أنا متخصص بأمراض القلب وتصلب الشرايين والمرتيزم-الرمتيزم - وتروحي على غيري راس مالها خلطة).
لا أخفيكم أني تشجعت لمشكلة تزعجني وتشكل إلي إرباك من خلال نصيحة الجارات أن أتزوج بسرعة حتى لا يكون مشروع الصلعة المقام حديثا فوق من راسي من إفساد ذوق أي عروس أتقدم لخطبتها.
قلت :
- أنا أعاني من بداية صلع عندك حل.
نظر إلى راسي ومن ثم سأل :
وراثة ؟
- نعم والله العليم
- من الأخوال أم من الأعمام.
قلت له من الأخوال!
ذهب إلى زجاجة شكلها عجيب كتلك التي نشاهدها في حوا زير رمضان (عندما يحشرون بها العفريت) وضع في كيس صغير قليل من مادة زيتية وقال لي :
يلا مبروك أسبوع زمان وتصبح بحاجة لشراء سشوارلتمشيط شعري .
سألته :
- ولكن يا عطار الطب لم يعالج بعد أمراض الصلع ،نظر إلي عابسا وقال:
- - صارخا وشو معرفهم هذول هبل .
لم أصدقه ولم أكذبه خفت أن يبخ علي من خلطة يجيب دوري. أو يخفي بواقي الشعر إلي على راسي وتذهب الشعرات والعروس.
باب العطار معلق كر تونة عليها جملة الأمراض المختص بها والتي تعدت 250مرض..
دخل الوالد على العطار الصغير يحمل عصا ويصرخ :راسب يا ولد بالصف العاشر بستة مواد يا... ضحكت وانا أفكر خايف على الشهادة ومش خايف على النساء المسكينات.
يا ترى مع احترامي إلى علم الإعشاب المتخصصين والحاصلين على شهادات تؤهلهم ولكن من يحمي المواطن من هذه المهنة التي يجب أن تكتفي ببيع المواد وتكف عن التطفل على مهنة الطب ولا اعرف على من يقع اللوم علينا نحن المواطنين أم على العطار0ليس الكل إنما الدخلاء والمستغلون ، الذي يريد الحصول على المال أم على الحكومة، أم على نقابة الصيدليات،بقي سؤال واحد يحيرني لماذا دوما محلات العطارة مطلية بلون بني وفي أعلاها أكياس (خيش)ويضعوا أفعى محنطة وراس ذئب أي هوا المريض يا عطار ناقصة خوف وسمة بدن وحقا إنها خلطة .
Omar_shaheen78@yhoo.com