الاستفتاء: هكذا يكون المواطن شريكاً في صنع القرار
د. عامر السبايلة
10-10-2010 01:10 AM
مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات النيابية تشهد الساحة الأردنية تحزبات شعبية تدعو إلى مقاطعة الانتخابات و أخرى حكومية باتت أول أولوياتها ألا تنجح دعوات مقاطعة الانتخابات بغض النظر عن مخرجاتها و التي بات المحللون قادرون على رسم شكل مجلسها القادم.
و كنا نتمنى أن تكون السياسات الحكومية أقرب الى نبض الشارع, فمجرد وجود فكرة المقاطعة عند شريحة كبيرة من الأردنيين كانت تستدعي وقفة جلية و اهتمام حقيقي بحل المشكلة, لا البحث عن حلول مؤقتة لا تسمن و لا تغن من جوع, و ليس لها هدف سوى تلميع صور أشخاص معينة و تسويقهم على أنهم قادرون على قيادة و إدارة العملية السياسية في بلد بات بحاجة ماسة للأجندة اصلاح سياسية لا تقف عند حدود التنظير بل تتعداها للتطبيق.
الهم الوطني اليوم كان يستدعي إجراء انتخابات يشارك بها الجميع دون استثناء, و إن كان مشكلة الأردنيين مع القانون الانتخابي العقيم و طريقة صياغته. , فانه كان من الأجدر التفكير بقانون جديد يلبي الطموحات, وعليه فانه من الأجدر هنا أن نبدأ بعملية ديمقراطية حقيقية تسعى لإشراك الشعب الأردني في عملية صياغة و اختيار القانون المناسب الذي يختاره الشعب بنفسه. عندها لا يمكن للمشهد الديمقراطي أن يكون مشوهاً و سنكون عندها بغنىً عن كل الحملات و الجهود التي تبذل من أجل دفع الناس بالمشاركة و اختزال عملية الإصلاح و التطوير بمشاركة شكلية في الانتخابات.
نحن اليوم أحوج ما نكون لتشريع قانون انتخاب دائم و يكفينا تعديلاً لقانون هو بحد ذاته قانون مؤقت أو يقر من الفئة المستفيدة منه ,و هكذا تقوم كل حكومة بالحفاظ عليه أو تعديله بصورة لا تخدم إلا دائرة ضيقة جداً, الا أننا يجب أن ندرك ان دائرة الوطن هي دائرة أكبر بكثير مما يعتقده البعض و لا بد لهذه الدائرة أن تضم في داخلها كل القوى السياسية و مكونات المجتمع الأردني.
نحن اليوم مدعون لخطوة حقيقية نحو الإصلاح نقنع بها أنفسنا أولاً و المجتمع الدولي ثانيا. و من الضرورة اليوم أن يختار الشعب الطريقة الأنسب و التي تجمع عليها الأغلبية فلا يجوز اليوم لأن تكون شعاراتنا متناقضة مع وقائعنا و لا بد لنموذجنا الديمقراطي أن يكون نموذجاً مكتملا لا منقوصاً و سليماً لا مشوهاً, و لنتذكر أن مجرد فرض قانون انتخابي معد في دائرة مغلقة و من قبل أشخاص معدودين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة هو بحد ذاته تغول على حقوق الشعب باختيار ممثليه الأقدر و الأنسب.
تشير المادة 24 من الفصل الثالث من الدستور الأردني فان الأمة هي مصدر السلطات, إذا فهذه القاعدة الأساسية و لابد أن يكون لتطبيقاتها مكان على أرض الواقع فلا يجوز أن تبقى السلطة التنفيذية تلعب دور المشرع, فأي تشريع و قانون لا بد له أن ينبع و يعبر عن أمته. اذاً ألا يستحق الشعب من دولته أن تأخذ برأيه بما يتعلق بالمسائل التي تمسه مباشرة من قضايا اجتماعية أو سياسية أو حتى اقتصادية؟
فالرأي العام هو البوصلة الحقيقية التي على أساسها يجب أن تتوجه سياسات الدولة. وهكذا فتبني سياسات ديمقراطية تأخذ من عملية الاستفتاء أساساً لها قد يكون المخرج من أزماتنا المتكررة.
إن التقاط الحكومة للتوجيهات الملكية التي صدرت عن الملك عبدالله الثاني قبل ايام -من الكرك- بان يكون المواطن شريكاً في صنع القرار يوجب عليها البدء بتطبيق سياسات الاستفتاء و استحضار النماذج العصرية الحديثة. وهذا يشكل الخطوة الأولى لتحويل مفهوم الاستقتاء ليصبح مادة من مواد دستور الدولة و يصبح بالتالي وسيلة أساسية لمعرفة رأي الشعب في كثير من المسائل, و هذه الخطوة بحد ذاتها ستعمل على ردم أي خلاف و التقرب بين الدولة و مواطنيها حيث يقوم الشعب بممارسة ديمقراطية مباشرة و يبدي رأيه في المسائل المعروضة عليه دون وسيط و دون احتكار فئة للسلطة على حسابه.
http://amersabaileh.blogspot.com