خلال السنوات الماضية كانت إيران تتعرض بين الحين والآخر إلى اضطرابات داخلية ذات طابع معيشي تختلط به بعض السياسة، وفي هذه المرحلة تعيش إيران مرحلة قلقة تربك القيادة الإيرانية سياسيا وأمنيا نتيجة الاضطرابات القوية التي تشهدها مدن عديدة في إيران وخاصة بعد قتل الفتاة الكردية على يد ما يسمى شرطة الأخلاق.
إيران لم تحصل حتى الآن على اتفاق نووي جديد مع الغرب، وهو اتفاق لو حدث سيحمل لإيران مكاسب كبيرة، وإيران تتعرض قواعدها ومخازن أسلحتها وقيادات حرسها الثوري إلى الضرب من إسرائيل في عمليات ذات تأثير على الأراضي السورية دون رد مماثل من إيران، وكل هذا يمكن أن تستعمله إيران في خطابها باعتباره استهدافا للمعسكر الذي تقوده وتسميه معسكر المقاومة، لكن الاضطرابات العنيفة داخليا والتي رغم التعتيم الإعلامي من الإيرانيين تصل للخارج، حتى أن الحكومة الإيرانية أعلنت مساء الجمعة الماضية عن قتل رئيس مخابرات الحرس الثوري وهو خبر مهم أمنيا وسياسيا.
إيران تفتخر منذ سنوات أنها تسيطر على القرار وحتى على الأرض في أربع عواصم عربية، لكنها اليوم تفقد السيطرة على العديد من مدنها.
النظام في إيران والمدجج بالأجهزة الأمنية والعسكرية لن تسقطه هذه الاضطرابات لأنه يلجأ إلى استخدام الحد الأقصى من العنف ضد المتظاهرين، لكن مؤكدا أنها تضعه في وضع حرج وتربك حكم رجال الدين هناك، وتكسر حواجز كبيرة في نفوس الإيرانيين.
النظام الإيراني سمع قبل سنوات في مظاهرات واضطرابات داخلية هتافات تطالبه بالتوقف عن إنفاق مليارات الدولارات في دول أخرى بحثا عن نفوذ إقليمي، وطالب الإيرانيون حينها بأن يتم إنفاقها على الداخل ومعيشة الإيرانيين، لكن مؤكدا أن عقلية توسيع نفوذ المشروع الفارسي تحت عناوين طائفية واستغلال ما يسمى بولاية الفقيه لتجنيد جزء من شيعة العرب والعجم لخدمة هذا المشروع، مؤكدا أن عقلية التوسع الإقليمي ما زالت هي الأولوية.
إيران لها خصوم وأعداء في داخلها وفي الإقليم والعالم، لكنها كلما اهتزت قدمت خدمة كبرى لخصومها الذين لن يتركوا فرصة لتعميق ارتباكها واضطرابها وزيادة ضعفها الداخلي.
الأحداث الداخلية مرشحة للتزايد رغم استعمال القوة والعنف ضد المحتجين، وكل يوم يمر على إيران يزيد من تشققات جدرانها، فما تأكد أن الوضع الداخلي لإيران هو الخاصرة الضعيفة فيها لأن نفوذها الخارجي أمامه طرق سالكة بفضل الواقع العربي السيئ والإقليمي وحتى الدولي.
الغد