مع إطلالة شهر تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام يغلب اللون الوردي على يوميات الشعوب لارتباطه بمحاربة سرطان الثدي، شهر جديد لا نعلم خفاياه ولكن نثق في مدبره، وما بين شهر مغادر وشهر قادم يغير الله من حال الى حال، اكتوبر شهر يتبنى فيه الافراد والمؤسسات والمنظمات والشركات اللون الوردي كرمز للتعبير عن حملة التوعية حول سرطان الثدي واهمية الكشف المبكر عنه، شهر التوعية بسرطان الثدي كسلاح وقائي من خطر بارز يهدد حياة المرأة في العالم أجمع و يحصد سنويا حياة الاف النساء ليحدث شرخاً مؤلماً في حياة الأسر ووجعاً في مجتمع عماده المرأة، شهر ترتدي فيه أبرز مدن العالم اللون الوردي باعتباره رمزاً لمكافحة سرطان الثدي، شهر نأخذ فيه بيد حواء بعيداً عن خطر الإصابة بالمرض.
شهر، أنادي فيه بأعلى صوتي، سيدتي الأم، يا من قضى ربنا أن لا نعبد إلا إياه وبك إحسانا، الابنة الحنونة يا من وصفك ربنا بزينة الحياة الدنيا، سيدتي الزوجة، آية وخلق ربنا للسكينة والرحمة، اختي صاحبة القلب الحنون، عماتي، خالاتي، كل الارحام وكل سيدة أردنية تستحق منا رعاية صحية خاصة تليق بها، استميحكن عذرا بأن نسأل بادب ممزوج بالقلق، سؤال الحريص على صحتكن، «فحصتي؟ صـورة للحياة» إنها صورة الماموغرام، هذا هو شعار حملة هذا العام، الحملة التي يقودها البرنامج الاردني لسرطان الثدي والذي عودنا وعلى مدى عقد ونيف مع اطلالة تشرين الاول من كل عام بشعار جديد يحمل معه أملا جديدا لكل سيدة أردنية، أمل حمايتها من سرطان الثدي، إذ ينفذ البرنامج وبهمة النشميات والنشامي الحملة الوطنية الرابعة عشرة والعربية السابعة دون كلل او ملل، ينشطون على امتداد الوطن من الشروق للغروب، ديدنهم أن الكشف المبكر عن سرطان الثدي بأبعاده الصحية- ينقذ الحياة–وابعاده الاقتصادية والاجتماعية، ما هو إلا حافز للأردنيات على اجراء الفحص الشعاعي للثدي، فواجب الأسرة تجاه السيدة، وواجب المجتمع تجاه السيدة والأسرة تشجيعهن على اجراء الفحص الشعاعي للثدي.
الجامعات والمدارس والجمعيات والوزارات والشركات والمؤسسات التشريعية ووسائل الإعلام كل له دوره في المشاركة في الحملة الوطنية الشاملة، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، فبالرغم من شح الامكانيات المادية والبشرية ومحدودية التجهيزات كانت ولادة البرنامج الاردني لسرطان الثدي عام 2007، بالعزم والإرادة قادت سمو الاميرة غيداء طلال رئيس مجلس أمناء مؤسسة الحسين للسرطان فريق البرنامج كمبادرة وطنية غايتها ضمان توفير خدمات ذات جودة عالية لجميع النساء في الأردن للكشف عن سرطان الثدي وتشخيصه في مراحله المبكرة، وزيادة الوعي حول عوامل الخطورة له.
عقد ونيف مرت على شعار الحملة الاولى «الكشف المبكر عن سرطان الثدي ينقذ حياتك» مروراً بشعار «أوعدينا تفحصي» وشعار «شجعها تفحص» يأتي شعار هذا العام «صورة للحياة – أفحصي» لتسليط الضوء على أهمية صورة الأشعة «الماموجرام» لكل سيدة بلغت الأربعين، الفحص الأكثر فاعليّة للكشف المبكر عن سرطان الثّدي.
البرنامج الأردني لسرطان الثدي، قصة نجاح أردنية ونموذج يحتذى للنهج التشاركي والتنسيق بين جميع القطاعات الصحية وغير الصحية، برنامج استطاع عبر السنوات الماضية تحقيق معظم الأهداف التي تبناها لتحسين خدمات الكشف المبكر والوصول إليها في جميع أنحاء المملكة، لا سيما المناطق النائية، برنامج نجح في خفض معدلات الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي وزيادة عدد الناجيات من المرض من خلال تشخيص المرض في مراحله المبكرة حيث تكون فرص الشفاء والنجاة أعلى وتكاليف العلاج أقل.
في تشرين الأول، الجميع أفراداً ومؤسسات، لدينا ما نقدمه لمكافحة سرطان الثدي من خلال انضمامنا إلى مبادرات البرنامج وإشراك المجتمعات المحلية في أنشطة البرنامج ومنح جميع أفراد المجتمع من طلاب وموظفين وأصحاب عمل فرصة مواصلة التوعية والمساعدة بجمع التبرعات لتمكين النساء الأقل حظا من تلقي خدمات الكشف المبكر، أبسط مساهمة في مكافحة سرطان الثدي ستحدث فرقا، ونأمل أن يأتي اليوم- ولعلها همسة في إذن صاحب القرار معالي الزميل وزير الصحة الدكتور فراس الهواري–أن تصبح فحوصات الكشف المبكر عن سرطان الثدي مجانية.
خاتمة الكلام، سيدتي، بادري باجراء الفحص الشعاعي للثدي، وليكن ردك على شعار الحملة «فحصتي؟» بثقة: نعم فحصت وتصورت، عزيزتي، الإصابة بسرطان الثدي ليست نهاية الحياة، لنجعل منها خطوة نحو حياة جديدة تكونين فيها أكثر إيمانًا وقوة، فسرطان الثدي يمكن التعافي منه بالإقبال على فحوصات الكشف المبكر وتجاوز المخاوف كما قال شاعر الرافدين الجواهري:
ردّوا إلى اليأس ما لم يتسع طمعا... شرٌّ من الشرّ خوفٌ منه أن يقَعا.
الرأي