مفتعلو حوداث، وطرق نصب واحتيال فريدة وجديدة.
صديق ابلغني عن قصص كثيرة، تدمي القلب، وتبرهن علميا على نظرية ان المجرم يتكيف ويتطور مع تقدم ادوات ووسائل الامن
والقوانين.
في شارع المدينة المنورة وبالقرب من مول تجاري مشهور، شباب يقودون سيارات ويطاردون زبائن المول بعد خروجهم، وركوب سياراتهم، والتسبب في وقوع حوداث سير مفتعلة.
وبعد وقوع الحادث المفتعل، وحيث يقومون بالوقوف المفاجئ امام السيارات، ويدعون انهم تعرضوا الى صدمات، وان سياراتهم تضررت، ويطالبون بتعويض مالي، وغالبا ما يستعينون باناث، ويقمن الاخريات بالادعاء على انهن تعرضن الى التحرش وغير ذلك.
تصور انك الضحية، وانك وقعت في فخ العصابة، فماذا سوف تفعل ؟ ان تطلب الشرطة، وتفتح كروكا، وقد يكلفك ادعاء احدهم بانه مصاب، ويحتاج الى علاج وتشييك طبي والدخول الى المستشفى.
وان تطلب الشرطة ايضا، فانت عرضة الى ابتزاز من الفتيات الموجودات في الحادث، ويروي صديق انه تعرض لابتزاز فتاة ادعت انه تحرش بها، وطلب رقم هاتفها، وقال لها كلاما ساخنا وحساسا.
فماذا يبقى امامك، غير المفاوضات والتسوية، والخضوع لابتزازهم، والتخلص من القضية والواقعة بمبلغ مالي، واعرف اصدقاء كثر دفعوا مالا، وانهوا القضية بالستر والكتمان، ومشوا في حالهم دون ضجيج ووجع رأس.
العصابة تختار المول، لان زبائنه ميسورون ومحترمون وذوات مجتمع.. كتبت هذه السطور، لانني سمعت قصصا متشابهة من اصدقاء.
وصراحة كنت ذات مرة ضحية لعصابة في منطقة اخرى. وكما يبدو ان الظاهرة تتفشى وتنتشر على نطاق واسع وكبير، وثمة ما يوجب الكتابة عنها.
اصدقاء قالوا لي انهم حلوا الحوداث بدفع الف دينار. وصديق محترم حرم الخروج في سياراته، واصبح يستعمل لمشاوريه داخل عمان تكسي اصفر وتطبيقات، ويقول انه ريح رأسه، وان يكون باي لحظة ضحية لابتزاز مقصود ومبرمج، وغير ذلك.
مفتعلو الحوداث يربطون سياراتهم عند المولات التجارية الفارهة والمطاعم الراقية، والبنوك، ولكي يصطادوا ضحايا سمان ومدسمين.
الظاهرة راجت قبل اعوام واختفت، وثم عادت.. والظاهرة تبعث على الحيرة والقلق، وتتبعها يحتاج الى الامساك في خيوط وصل رفيعة وغليظة بين الاطراف الجرمية.
من هؤلاء وماذا يفعلون، وكيف يديرون وينظمون الحوداث ويوقعون ضحاياهم ؟ اسئلة الاجابة عنها تحتاج الى جهد صحفي استقصائي لكشف التفاصيل الدقيقة والعميقة في اعمال ونشاطات الحوداث المفتعلة.
امنيا، من المؤكد ان لدى رجال الامن العام سجلات وبيانات، وارشيف امني حول هذه الظاهرة وغيرها. ولا بد انهم تعاملوا مع متورطين بها، وخصوصا ان الظاهرة ليست جديدة ومستحدثة، وان هنالك متورطين من اصحاب السوابق.
المجرم كما يبدو انه يتطور ويتكيف، ويستبدل بطانته وسترته وجلده.. ولم نعد نعهد اشكالا تقليدية للنصب والاحتيال، تفنن في صناعة وخلق اساليب وحيل جديدة.
و لا تصدق، وانت تقود سيارتك في الشارع، انك في لحظة ستكون ضحية لعصابة ما، وعرضة لابتزاز، وانك ستدفع مبلغا ماليا مرغما وقسرا وخاوة، وتمضي في حالك مجبرا، ودون ان تقوى على فتح فمك، ولو بكلمة واحدة، وان فكرت بالاتصال بـ 911، يا ويل الويل على حالك ومآل مصابك.
الدستور