الحكمة تقتضي محاكاة الطبيعة
د.عدلي قندح
02-10-2022 12:04 AM
في شهر آذار/ مارس من كل عام، تتغير الساعات في العديد من البلدان حول العالم بمقدار ساعة واحدة للامام وتبقى كما هي عليه حتى الاسبوع الاخير من شهر تشرين الاول أكتوبر، وهذه الممارسة–الالتزام بالتوقيت الصيفي–مثيرة للجدل.
بداية الحكاية كما نعرفها أن الارض حينما تدور حول الشمس يكون ميلان محور الارض نحو الشمس أكثر في فصلي الربيع والصيف، فتزداد الاضاءة والحرارة، وأقل في فصلي الخريف والشتاء فنشعر بالبرد ويزداد الظلام.
ولأننا في الاردن نشعر بالتغير في وقت شروق وغروب الشمس في بداية الربيع وبداية الخريف، فاننا نلجأ لزيادة الساعة 60 دقيقة في بداية الربيع ونبقيها كذلك حتى بداية الخريف. والهدف من ذلك الاستفادة من ضوء النهار طوال فصلي الربيع والصيف. وعندما نستفيد من الاضاءة الطبيعية الواصلة للأرض من الشمس فاننا تلقائياً نقلل ونرشد من استهلاكنا من مصادر الطاقة الاخرى المولدة من النفط والغاز والفحم الحجري وغيرها لما لها من تأثير على البيئة والاقتصاد والخزينة وجيوب المواطنين.
ومن الجدير بالذكر أن توقيت الاردن الرسمي المتوافق مع خط الطول الواقع عليه هو بزيادة ساعتين عن التوقيت العالمي الموحد والمعروف حالياً بالتوقيت الشتوي، فالاصل هو التوقيت الشتوي، أما اذا تم تثبيت التوقيت على الصيفي فنكون وكأننا أزحنا خارطة الأردن بمقدار خط طول كامل الى الشرق ووضعناها مكان العراق.
اما لماذا العودة للأصل أو للتوقيت الشتوي في بداية الخريف فهو لتجنب الذهاب للمدارس واماكن العمل أثناء الظلام وفي البرد وتجنب الانزلاقات والتواجد في الشوارع في الاوقات المظلمة في فصلي الخريف والشتاء بالاضافة الى بث روح الطمأنينة في نفوس الاهل عند مغادرة ابنائهم بعد شروق الشمس وليس في الظلام. ولنا تجارب سيئة في سنوات سابقة بهذا الخصوص.
ان العمل بالتوقيت الشتوي في فصلي الخريف والشتاء وبالتوقيت الصيفي في فصلي الربيع والصيف يعني توافقنا مع تواقيت العمل المعمول بها من قبل العديد من الدول وخاصة المحيطة بنا والقطاعات الاقتصادية مثل شركات الطيران والبورصات العالمية والتعاملات البنكية والحوالات وقطاع تكنولوجيا المعلومات والهواتف الذكية وغيرها الكثير. علاوة على توفير الانارة في الخريف والشتاء وتوفير استخدام وسائل التدفئة، وتخفيف معاناة الناس من حالات الاستيقاظ المبكر والتوجه للعمل مبكرا في الظلام والبرد، وتجنيب أبناء المناطق الاقل حظاً الذهاب الى المدارس وأماكن العمل مشيا على الاقدام بأوقات الظلام والبرد القارس.
ان تحريك الساعة للخلف لمدة ساعة في الخريف سيمكن للناس من نقل ساعة من ضوء النهار بشكل فعال من المساء إلى الصباح، ونتيجة لذلك يمكن أن يكونوا أكثر إنتاجية. ويحدث الشيء المعاكس في الربيع، وهذه طريقة فعالة للحصول على ساعة إضافية من ضوء النهار في المساء.
اما اذا أردنا الحديث عن توفير المزيد من الانفاق على مصادر الطاقة فمن الحكمة تعديل استراتيجية الطاقة بحيث نرفع من انتاجنا من الطاقة المتجددة المولدة من الشمس والرياح والنفايات وغيرها، وذلك لرفع حصة الطاقة المتجددة في اجمالي مصادر الطاقة في الاردن من حوالي 20% الآن الى أكثر من 50 الى 60% خلال سنوات قليلة.
المنطق والتغير الملموس في وقت شروق وغروب الشمس يحتم علينا استمرار محاكاة الطبيعة بتبديل الساعة مرتين في السنة، وذلك تماما كما نتأقلم بالصيف والشتاء مع ظروف الطقس بتغيير سلوكنا وحركتنا وملابسنا ونوعية غذائنا الذي نتناوله. لنكن حكماء ولنعيد عقارب الساعة 60 دقيقة في الاسبوع الاخير من هذا الشهر. فجميع دول الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأوروبية غير الأعضاء تجري التبديل مرتين في السنة. أما خارج أوروبا وأميركا الشمالية، فيُمارس تغيير الساعات أيضًا في إيران والمكسيك والأرجنتين وباراغواي وكوبا وهايتي وبلاد الشام ونيوزيلندا وأجزاء من أستراليا.
الرأي