الكرك .. ثقة ملك وولاء شعب
محمد حسن التل
08-10-2010 03:12 AM
أمس ، عندما كنا نحثُّ الخُطى خلف جلالة الملك عبدالله الثاني الى الكرك ، قلب الجنوب الطيب ، كنت اتأمل طيلة الرحلة ، السهول والجبال الممتدة ، على طول الطريق ، وتلك المصانع المتطورة والشركات والمشاريع المنتشرة ، على امتداد الخط الصحراوي ، وأُحدًّث نفسي عن المعجزة ، التي صنعها ملوك بني هاشم ، وخلفهم كل الاردنيين ، في بناء هذا الوطن ، الصابر على ضيق الامكانيات. واتذكر تلك الدول ، التي تنعم بالمليارات ، وتكاد لا تصل الى نصف ما وصل اليه الاردن ، من تقدم على مستوى التنمية الشاملة ، وهنا يكمن سرّ صبر الاردنيين ، على ضيق مواردهم ، ويتجلَّى هذا الصبر والتحدي ، باصرارهم على بناء وطن انموذج ، في كل شيء.
أمس ، كانت الكرك كفرس اصيلة ، تزينت للقاء فارسها ، الذي ما خذلها يوما.. ابي الحسين ، عندما وقف جلالته امس ، متحدثا لابناء شعبه ، في محافظة الكرك ، كانت الثقة تملأ عينيه ، وصوته بالمستقبل ، فالكرك كما قال ابو الحسين "كانت على الدوام ، انموذجا في العطاء والانتماء للأردن العزيز" ، وابناء الكرك ، كما وصفهم جلالته ، بأنهم دائما أهل للمسؤولية ، و"هم دائما أكبر من كل التحديات".
أمس ، كان أهل الهيًّة في الكرك ، يهتفون بلسان رجل واحد ، وقلب واحد ، كما كل الاردنيين ، في عمان واربد والسلط والرمثا والطفيلة ومعان والمفرق ، "معك وبك ماضون ، يا ابا الحسين ، نقبض على البيعة ، مثلما نقبض على ارواحنا ، فداء لهذا الحمى الهاشمي ، الذي يستحق ان يكون الانموذج والقدوة ، بفضل قيادته ، ذات الشرعية الدينية والتاريخية.
إن المتأمل امس بعيون الكركيين ، وهي تلمع فرحا بلقاء الملك ، يتسرب الى نفسه ، ذلك الشعاع الازلي ، من الطمأنينة والسكينة ، باننا في الاردن ، سنظل كما نحن دائما ، على نبض واحد ، في الولاء والوحدة والتضحية والفداء ، ليس من اجل اردننا فقط ، بل من اجل امتنا بأكملها ، فملوكنا اصحاب الشرعية المتجذرة ، واردننا كان عبر الكرك ، بوابة الفتح الاولى ، حيث سال الدم على ارض مؤتة ، دماً عربيا هاشميا طاهرا ، لينير للامة طريقها.
لم تكن الكرك امس ، ككل المدن ، فقد كانت عاصمة المدن ، حيث احتضنت القائد ، الذي فتح ذراعيه لكل ابنائها ، مبشرهم بغد جديد ، وعزم اقوى ، على صناعة المستقبل ، لتعزيز مسيرة هذا الوطن ، في التنمية الشامله ، حيث قال جلالته ، ان "المواطن يجب أن يكون شريكا في صناعة القرار وبناء المستقبل ، المستقبل المشرق ، الذي يستحقه بلدنا وشعبنا الغالي ، في جميع مناطق المملكة ، ويجب أن نسير إلى الأمام ، برؤية واضحة ، وعلى خطط مدروسة ، وبمشاركة الجميع ، ونحن قادرون ، إذا عمل الجميع بإخلاص وبشفافية وبروح الفريق ، أن نبني هذا المستقبل".
ولعل الانتخابات النيابية المقبلة ، خطوة في مسيرة صناعة مستقبل الاردن الأنموذج ، وهي كما قال جلالته "فرصة للقيام بخطوة عملية ، لتحقيق المشاركة الحقيقية" ، وهذا يستدعي من كل الاردنيين ، تحمل مسؤولياتهم الوطنية ، فهي بمثابة تحدّْ كبير للمواطنين ، بأنهم أهل للمشاركة الشعبية ، في بناء مؤسسات صنع القرار ، التي تسعى الانتخابات إلى ترسيخها ، فالمشاركة الشعبية ، تجعل المواطن ، في موقع المسؤولية المشتركة ، مع الجهات الرسمية ، وهذا يزيد من مستوى الوعي والمبادرة لدى المواطنين ، الذين عليهم ، أن يكونوا على قدر هذه المسؤولية ، وأن يؤدوا واجباتهم تجاه وطنهم ، من خلال مشاركة فاعلة بناءة ، تقوم على حماية المصالح الوطنية العليا والمصالح الشعبية ، في آن واحد ، فالانتخابات في حد ذاتها ، لها تأثير مباشر ، في إرساء مبادئ العدالة والمساواة ، والتأكيد على عامل الولاء والانتماء للوطن.
ان الانتخابات ، ليست مسؤولية الحكومة وحسب ، وانما مسؤولية كافة مكونات المجتمع الاردني.. المواطن والمؤسسات الحزبية ومؤسسات المجتمع المدني ، وتقع على هؤلاء جميعا ، مسؤوليات وادوار ، فالحكومة ، عليها مسؤولية إدارة الانتخابات ، بنزاهة وشفافية ، والمواطن عليه ، مسؤولية اختيار من يمتلك القدرة ، على المساهمة ، في بناء مستقبله ، وخدمة الصالح العام ، ولعب دور المحرك والمتفاعل والمبادر والمؤثر والناشط ، لا المتفرج والمتأثر فقط ، في سياق الحراك الوطني ، الجاري حاليا ، تجاه الانتخابات ، ليكون الأنموذج ، القادر على إحداث التغيير ، في الرؤى ، وفي تعزيز النهج الوطني ، المعبر عن صدق الولاء والانتماء ، للوطن وقائده ، ليبقى طريق التنمية والنماء والعطاء ، حلقات متصلة ، لتحقيق اهداف ورؤى جلالة الملك ، في بناء مجتمع العدل والمساواة ، وتكافؤ الفرص والازدهار.
في الكرك أمس ، تجلَّت صورة الانموذج الاردني ، في الحكم والبناء ، حيث ثقة الملك المطلقة بشعبه ، وولاء شعبه المتين له.
المقالة عن يومية الدستور للزميل رئيس تحريرها ..