في العديد من دول العالم تعمل الأنظمة الضريبية والجمركية بشكل متناغم ومتكامل، على سبيل المثال لا الحصر تعتبر (HMRS) HM Revenue and Customs واحدة من أهم الدوائر الحكومية في إنجلترا، وهي المعنية بكافة الأمور المتعلقة بالضرائب والجمارك، على الرغم من تعدد المسميات الضريبية في إنجلترا الا أن ساسة المال والأعمال يرون أنه من الأنسب أن تعمل الأنظمة المالية في الدولة بشكل متناغم؛ عربياً عملت مصر على تطوير المنظومة الضريبية والتيسير على الممولين والمكلفين واعتمدت واحدًا من أهم التشريعات الضريبية وهو قانون الإجراءات الضريبي الموحد (Tax Code)، والذى دمج الإجراءات الضريبية المختلفة باختلاف أنواعها في إجراءات موحدة، طالما كان ذلك قابلاً للتطبيق على هذه الأنواع من الضرائب، أو على ما قد يُستحدث من ضرائب طالما كانت من طبيعة مماثلة أو تتفق في جوهرها مع هذه الفرائض المالية أو تحل مكانها ! .
في عام ٢٠٠٧ قامت الحكومة الاردنية بطرح هذه الفكرة وعملت في ذلك الوقت على ما سمي بTax Code وشكلت لجنة من أفضل موظفيها من دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، ودائرة الاراضي العامة ووزارة المالية تخللها زيارة للعاصمة الإيرلندية "دبلن" من قبل فريق متخصص ضم في عضويته انذاك عدداً من كبار موظفي دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، حيث قام الفريق بالاطلاع على تجربة أيرلندا في إدارة الإيرادات العامة ودراسة نظام الإيرادات الموحد.
اليوم، وفي ظل عالم متغير تحكمه تكنولوجيا المعلومات والإتصالات فقد أن الأوان للانتقال من مفهوم الحكومة الإلكترونية الى الحكومة الرقمية ومن مفهوم النظام الضريبي المتشعب الى النظام الضريبي الموحد من أجل تسهيل الإجراءات وتخفيض النفقات، من اجل زيادة الفاعلية وترسيخ مفهوم الانتاجية.
على الرغم من التقدم الذي أحرزته دائرة ضريبة الدخل والمبيعات (ISTD) في الأردن خلال السنوات الأخيرة، الا أن ان ترسيخ القانون الضريبي للإعتماد على وسائل تكنولوجيا المعلومات بصورة واضحة في إتخاذ الإجراءات الضريبية ليس كاملاً وشاملاً، بحيث تصبح هذه الوسائل هي المعتمدة قانوناً في الإثبات الضريبي، وفى التواصل بين الإدارة الضريبية والمكلف وفي إظهار الدفاتر والسجلات والفواتير التي يتعين إمساكها والفواتير التى يجب إصدارها، وتطبيق نظام التوقيع الإلكتروني، وربط التشريعات المالية وفق أنظمة ضريبية محترفة، تسمح للمكلف والمحاسب القانوني أن يكون جزءاً من النظام الضريبي المتكامل.
يجب أن يضمن القانون الضريبي الموحد عدم المساس بالقواعد الإجرائية الثابتة والتي تواترت عليها القوانين الضريبية المتعاقبة تحقيقاً للاستقرار في القواعد الضريبية التي ثبُتت فاعليتها وجدواها ولم يترتب عليها أي مشكلات فى التطبيق، بالإضافة إلى أهمية التوحيد الإجرائي على القواعد القابلة للتطبيق على مختلف أنواع الضرائب.
يسعى القانون الضريبي الموحد إلى تحقيق المزيد من الفاعلية لقواعد إنهاء المنازعات الضريبية من خلال تبسيط الإجراءات أمام اللجان الداخلية ولجان الطعن و تحقيق السرعة الواجبة في نظر هذه المنازعات من خلال تحديد أوقات دقيقة لكل إجراء وترتيب الأثر القانوني على تجاوز هذا الموعد وجواز سحب النزاع من أمام لجنة الطعن وإعادته للصلح في الطعن، وتعزيز دراسة الدعاوى الضريبية من العرض على هيئة لجان التسوية من أجل سرعة حسم المنازعات الضريبية وتجنباً للجوء إلى ساحة القضاء وإثقالها بالمزيد من الدعاوى والتي تستغرق أمداً طويلاً للفصل فيها بما لا يتناسب مع المنازعات ذات الطابع المالي.
لقد آن الأوان لأن يكون التشريع الضريبي أكثر مرونة لمجابهة كافة الظروف الاقتصادية والسياسية، فيتضمن أحكاماً أصلية لها صفة القواعد الدائمة، في الوقت ذاته يجب أن يتضمن التشريع الضريبي الموحد آليات واضحة في إصدار الأنظمة والتعليمات بحيث يحافظ التشريع على مرونته دون أن يمس جوهره؛ يتخلل ذلك تبسيط وتيسير الإجراءات الضريبية والجمركية وإزالة التداخلات.
ان مشروع القانون الضريبي الموحد يسعى للمساهمة في تحقيق التوجهات الاستراتيجية فى رؤية الأردن 2030 وتحسين موقع الأردن على مؤشرات القياس الدولية فى مجالات تيسير التجارة الدولية وتشجيع الاستثمار وممارسة الأعمال، وتشجيع المشروعات الاقتصادية الوطنية وتيسير التجارة الدولية، فضلا عن زيادة حوكمة إجراءات الرقابة الجمركية والضريبية والحفاظ على الأمن القومي، وزيادة درجة رضاء المواطنين.