أين ما التفتنا في عالمنا سنجد نزاعات دامية , فننطلق من شرقنا المتهالك و الصراع المائي المصري الاثيوبي, والتعدّيات الفردية للكيان على الاراضي السورية و التوترات اللبنانية مع الاحتلال أيضا , إلى الحدود الملتهبة بين السعودية و اليمن, والآن الثورة البركانية الايرانية , هذا عدا عن الحروب في عُمق القارّة السمراء و التي نحن لسنا بمنأى عنها ...
العالم لا يختلف عنّا كثيراً , فأوروبا بخدّيها الاثنين ليْسا أحسن حالا , فدول " الستان" حدودها مشتعله , و المعارك الارمينية الاذرية عادت للواجهة من جديد , و شرق اسيا المُحبّ " للفلفل الحار " المشهد العام فيه حارٌ ملتهب , أما الوجبة الرئيسية على مائدة الحروب , فهي تلك الحرب الروسية الاوكرانية , فهل هي حرب عالميّة متفرّقة؟ ...
هذا العالم يحتاج حربا , نعم يحتاج حرباً , حرب طاحنة ضاربة تُعيد كل تلك الدول لنقطة الصفر ,فميزان القوى يجب أن يتكافئ و ينطوى من بعده صفحة القوى الاحادية , فهل ما زلنا نعيش عصور الحرب الاعتيادية ؟ أم سننتقل إلى حروب القناع و الاشعاع ؟ ..
في الحرب الروسية الاوكرانية , الصراع متشعّب و عنوانه الفوضى , فالبعض يرى في بوتين صدّام العصر الذي يغزو بلا أعذار , و البعض الآخر يرى به القائد الحامي لكرامة بلاده و أمن أمّته , فأيّا كانت الرؤية و زواياها , فالحرب هي سيدة العنوان بين الجارتين , و لأنّ هذه الحرب هي حرب وكالة بامتياز , فهي ليست حربا روسية اوكرانية , بل روسية و صينيّة إن صح التعبير من جانب و اوكرانية غربية من جانب آخر..
فالغرب المتناقض و على رأسهم امريكا ,, نفخوا في البالون الاوكراني إلى أن " نَفَّسَ" تقريبا , فالقارئ للمشهد قبيل هذه الحرب سيظنّ أن أمريكا سوف تضحي بالغالي و النفسي لأجل عيون " زيلينيسكي " أما عندما جدّ الجدّ , فجندي امريكي لم يصل لميدان القِتال , هذا ما يجب أن تدركه تايوان و تقتنع به , فامريكا لا تدافع عن أرض لا تُشبعها , فالعراق في الماضي كان وجبة دسمة تستحق المغامرة و الدفاع , أما أوكرانيا و معها تايوان فمن الواضح أنّهما وجبات سريعة لا تشبعان رغبات الغرب ..
و الآن ماذا يدور في عقل بوتين , و هل سيقدم على حرب واسعه نووّية ؟
من الواضح أن بوتين لن يخرج منها خسرانا , و إن حدث سيجرّ العالم معه لحرب استنزاف , فالكرت الحساس " نورد ستريم " الآن بيد الدبّ الروسي , فإن لم تشتعل الحرب الروسية الغربية , فروسيا ستجعل شتاء اوروبا شتاءً عتيقا , شتاء عنوانه الحطب و البدائيات , هذا ما يهدّد أمن و استقرار العديد من الدول , فالغاز لا ينتقل في الهواء , و أيّة مشاريع مستقبلية للنقل تحتاج لوقت طويل للتمديد و التأسيس ...
و بالعودة "لماما امريكا " و لرئيسها الذي ظنّناه رئيسا مضظربا غير متوازنا" ترامب ", فمن الواضح بأنّه الوحيد الذي قرأ المشهد من بدايته , فلم يكن تحذيره لألمانيا و معها عدة دول من الاعتماد على الغاز الروسيّ عبثيا فكأنّه ادرك و تحسّس خطر أن تضع الدول رقبتها في يد روسيا , و هذا ما فعلته الدول على ارض الواقع و ما تجني ثماره حاليا ...
فإن وقعت حرب أم لم تقع , فلا متضرّر من هذه التخبّطات سوى الشعوب التي ينجرّ شبابها نحو أراضٍ مشتعلة يخسرون بها ارواحهم بلا سبب , و النصف الآخر يموت إما من الحرب أم من تبعات هذه الحرب الاقتصادية , لذلك نحن في هذا الشرق المُتعبْ علينا أن نضع عدة سيناريوهات للحرب, خصوصا أنّنا محسوبون على الجانب الامريكي , و في بعض الاحيان يُنظر للحليف نظرة العدو نفسه و يتم التعامل معه وفق هذا ...