نحن جيل أفقنا على الشعور بالأمة وقضاياها ، حتى ملابسنا في الابتدائي " كاكي" والحلاقة على الصفر ست سنوات الابتدائي . كنا عسكر غير مجندين ، تأخذنا المدرسة إلى سينما النصر في الزرقاء لنحضر صباحا" فلم جميلة بوحيرد المناضلة الجزائرية بعد أن حفظنا المحفوظات عن الجزائر :
في الهول في لهب المجازر
ألقاك يا بطل الجزائر
ألقاك مرفوع الجبين
مخضب الكفين هادر
ونحضر في سينما النصر فلم الناصر صلاح الدين بهيبة الممثل أحمد مظهر وتقاطيع وجههه الجادة. كانت السينما أداة غرس الشعور بالأمة فنخرج باكين ومعتزين بأمتنا ولنا الرغبة في النيل من عدونا . نقف على جانبي الطريق نلوح للجنود والآليات العسكرية عام ١٩٦٧م وهي تتجه إلى فلسطين لتحرير أرض ١٩٤٨ م . كان المعلم يغرس فيك الأمة وهمومها . لم نكن نسأل هذا المعلم أو هذا الطالب من اين ؟ وظلت سينما النصر تذكر بحلمنا في النصر ، ودارت الأيام وهدمت سينما النصر ولم يعد أحد يتحدث عن النصر بل عن "السلام" و"الواقعية" واكتشفنا أن خطابات زعيم الأمة العربية من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر كان هدفها نفخ بالون الأحلام حتى يكون السقوط مريعا" والانفجارات مدويا" ، وصرنا نشتم احمد سعيد مع معرفتنا أنه مجرد بوق للزعيم وحامل لواء التضليل الإعلامي وصحونا على هزيمة نكراء ضاعت خلالها الضفة والجولان وسيناء ، لكن المصيبة خفت يوم سموها نكسة مراعاة للشعور القومي !!
نسينا أن النصر بيد الله يعطيه لمن أطاع عدلا" وحكما" وإعدادا" وتخطيطا" وأخلاقا" وسلوكا" وفهما" وقدوة . أردنا النصر ونجوى فؤاد وبرلنتي عبدالحميد وفيفي ووو يرقصن !! . أردنا النصر ولم نستطع صناعة طلقة !! . أردنا النصر ولصوص المال العام مستمرون في سرقاتهم مع حماية حقيقية مستمرة !! أردنا النصر والعملاء يقدمون المعلومات للعدو ويشاركون في قتل المقاومين ورأينا اغتيال رموز كثيرين . أردنا النصر بعد أن ذوبنا الفكر الإسلامي والقومي والوطني وحل محله الفكر المصلحين المادي الفردي والشللي !! . أردنا النصر وقد انتشرت السجون على حساب المدارس والمستشفيات ، وتحولت الجامعات إلى مدارس ، والمناصب إلى مغانم ، والإعلام إلى رذيلة ، والمنابر الى سكينة وهدوء ، والبرلمانات الى ابتزاز وصفقات ، والأخلاق إلى مثاليات ، والالتزام الديني إلى تطرف وإرهاب . لا نفعل شيئا" رغم أننا نرى هجوم الأمم على ديننا وهويتنا وثقافتنا ومقدراتنا وشبابنا ، وذهبنا نتسول البنك الدولي ونخطب في الأمم المتحدة عن حقوقنا ونحن نعلم أن سارقي حقوقنا هم الذين يدعون أنهم مجلس الأمن مع أنهم مصدر الخوف والقتل والسلب وهم المستعمرون مصاصو الدماء .
سنن الله لا تتغير
" إن تنصروا الله ينصركم " .