هل انقرضت الانسانية؟
المحامية رزان مازن الفاعوري
28-09-2022 03:22 PM
لاحظ الجميع في الفترة الاخيرة الحملة الشرسة على مواقع التواصل الاجتماعي لابادة وقتل وحرق وتسميم الكلاب البرية، كما استوقفتني العديد من التعليقات على الفيس بوك والتي تعكس مقدار القسوة في قلوب البعض الذين اظهروا افكارهم الابداعية في اساليب تعذيب تلك الحيوانات، متناسين ما يحثنا عليه ديننا الحنيف، حيث ورد في سنة نبينا الاكرم صلى الله عليه وسلم : بانه بينما رجل يمشي بطريق إذِ اشتد عليه العطش، فوجد بئرًا فنزل فيها، فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى منَ العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب منَ العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئرَ فملأ خفه ماءً، ثم أمسكه بفِيه حتى رقى فسقى الكلب، فشكر الله تعالى له، فغَفَرَ له”، قالوا: يا رسول الله: وإنَّ لنا في البهائم لأجرًا؟ فقال: “في كل ذات كبدٍ رطبة”[البخاري ومسلم].
فمن المستهجن ما اقترحه بعض الفئات من حلول للتعامل مع مشكلة الكلاب البرية في الاردن من خلال حرقها وتسميمها وغيرها من الاساليب التي تتنافى مع انسانية الانسان والفطرة السليمة له ،
كما اننا في الاردن هذا البلد المتحضر والذي يعتبر نظامه القانوني من الانظمة القانونية المتطورة على المستوى الدولي من خلال ابرام اتفاقيات للرفق بالحيوان والانتساب الى المنظمة الدولية للصحة الحيوانية (O.I.E.) واما على المستوى المحلي فقد وضع الاردن ومن خلال جهازه التشريعي خطط ناجعه للتعامل مع الحيوانات البرية بالاضافة الى ان المشرع الاردني كفل حقوق الحيوان ووضع العديد من القوانين الانظمه والتعليمات التي تؤكد على حماية الحيوان من اي اذى ،
ومن هذه القوانين قانون الزراعه والذي عرف الحيوانات المشمولة باحكام هذا القانون في المادة ( 2 ) والتي جاء فيها : الحيوانات : (المواشي والدواجن والارانب والاحياء المائية والبرمائية وحيوانات السرك وحيوانات الفصيلة الخيلية والحيوانات البرية والطيور البرية والكلاب والقطط ..) ، كما اكدت المادة ( 7 ) من ذات القانون على حماية الحيوانات فقد نصت على " (ب. حماية صحة الانسان والحيوان في المملكة من المخاطر الناتجة من الاضافات او الملوثات او السموم او الكائنات العضوية المسببة للامراض والموجودة في المنتجات الزراعية او مدخلات الانتاج الزراعي ) ،
وفيما يتعلق بالانظمه فقد تم تشريع نظام الرفق بالحيوان رقم ( 11 ) لسنة 2010 والذي جاء في المادة (3 ) منه : ( تتولى الوزاره بالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة الرفق بالحيوان ومنع القسوة عليه وفق الشرائع السماوية وعلى وجه الخصوص الشريعة الاسلامية والمبادىء الخمس للرفق بالحيوان ) ، وجاء في المادة ( 4 ) منه ) : يعتبر قسوة على الحيوان ارتكاب اي من الافعال التالية : أ. قتله بصورة قصدية ما لم يكن ذلك ضروريا . ب. التسبب باصابته او قتله من قبل حيوان اخر .ج. اطلاق سراحه بهدف قتله او اصطياده من قبل حيوان اخر .د. اعطاؤه مادة سامة او مؤذية .هـ. الحاق الاذى او الالم به .و. تعذيبه او ضربه او بتر اي من اعضائه او جرحه او اساءة معاملته .ز. استخدام او امتطاء او قيادة اي حيوان غير مخصص لاداء تلك الوظائف)
بل وكفل النظام حق الحيوان الذي لحق به الاذى بالعلاج فقد نصت المادة ( 6 ) من ذات النظام على: ( يتولى المفتش المهام والصلاحيات التالية : د-احالة الحيوان الذي تم الحاق اذى بالغ به الى الطبيب البيطري المختص لتقرير ما يلزم بشانه ) ،
كما صدرت تعليمات رقم ( ز / 18 ) لسنة 2022 –تعليمات التعامل مع الحيوان الصادرة بمقتضى المادة ( 7 ) من نظام الرفق بالحيوان رقم ( 11 ) لسنة 2010 والتي عرفت القسوة على الحيوان بانه : ( هو ارتكاب أي فعل من الافعال التي تضر بصحة وسلامة الحيوان مالم تكن ضرورة يحددها الطبيب البيطري المختص و أو أي نقص في الشروط الواجب توافرها لضمان سلامة الحيوان أو أي خرق لمعايير الرفق بالحيوان ) ، كما جاء في المادة ( 8 ) : (3-قتل او جرح او ضرب اي حيوان بقصد الايذاء يعتبر مخالفة لمعايير الرفق بالحيوان ) ، وفضلا عن ذلك فقد رتب المشرع عقوبة على كل من يخالف نصوص القوانين والانظمة و التعليمات الناظمه للرفق بالحيوان بالغرامه وفقا لاحكام القانون،
وخلاصة القول بانه وكون اننا نعيش في دولة قانون فانه من الخاطىء بان يمنح كل شخص نفسه الحق في قتل هذه الحيوانات والتنكيل بها والتفنن في اساليب تعذيبها تحت ذريعة بان هذه الحيوانات مفترسة وتحمل الاوبئة ، فنحن في بلدنا الحبيب دولة لها نظام قانوني ولدينا مؤسسات مختصة وهي صاحبة الصلاحية فقط في اصدار القرارات المتعلقة بابادة الحيوانات التي تحمل الامراض الخطيرة والمعدية للانسان كداء الريبز ( rabies ) وغيره ، والذي تصدر بعد ان يتم الكشف على الحيوان المصاب منها وفقا لاحكام قانون الزراعه والتعليمات والانظمه المتعلقه بذلك ، وفيما عدا ذلك يجب تأمين منشأت و ملاجىء مرخصة وخاضعة للرقابه الصحية البيطرية وفق لمعايير الرفق بالحيوان للحيوانات البريه ،
" ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ "