تعمل معظم دول العالم على تخطيط وتنظيم مدنها بأسلوب استراتيجي حيث يتم التركيز على وضع أهداف بمستويات عالية وتحديد مناطق النمو المرغوبة لمدينة أو منطقة حضرية.
ينتج عن التخطيط الاستراتيجي خطة استراتيجية أو خطة شاملة وعادة ما تتضمن أهداف الخطة الاستراتيجية وسائل نقل سهلة للمواطنين وعبر المدينة أو المنطقة التي سوف تُنظم، وتحسين حياة المواطنين وإيجاد المزيد من المساحات المجتمعية.
وبموجب هذه الخطة تعمل على تحديد استعمالات الأراضي وعادة مايتم ذلك من خلال قوانين وسياسات تُحدد المناطق لأغراض محددة؛ مناطق سكنية للبناء والسكن ومناطق تجارية سواء كانت لتجارة التجزئة أو انشاء المولات، وأخرى صناعية وتخزين، ومناطق للمحاكم والأمن العام ومناطق اقتصادية لدعم الازدهار المالي وتشجيع الشركات على البناء فيها أو إنشاء مكاتب لها. وبطبيعة الحال المحافظة على البيئة بالمعنى الشامل وتتضمن كذلك الخطة الاستراتيجية تخطيط البنية التحتية من حيث خطوط الكهرباء والماء وقنوات الصرف الصحي وكل هذا مانراها في من مدن العالم وعواصمها.
ونعود من خلال هذه المقدمة إلى الواقع الأردني؛ والسؤال هنا من الذي يُخطط وينظم مدننا وعاصمتنا إلى أن توسعت بصورة كبيرة وتعددت أزماتها؟
الإجابة على هذا السؤال تكمن في عدم وجود قانون لاستعمالات الأراضي والتعامل مع تطبيق هذا القانون بكل شفافية. ومن خلال هذه الثغرة برز تجار الأراضي وشرائهم لمساحات في مناطق مختلفة وتقسيم هذه المساحات إلى قطع قابلة للشراء والبناء عليها. وفعلاً بعد عملية إنشاء البناء على هذه المساحات يتم تقديم طلبات لفتح شوارع وتمديد خطوط الكهرباء والماء وغير ذلك من احتياجات لسكان هذه المناطق الجديدة.
أي أن البلديات وأمانة عمان الكبرى وشركات الماء والكهرباء تخضع لهذه الطلبات وبذلك يتم إنشاء أحياء كاملة للسكن.
هذا الوضع فاقم أزمة مدننا من حيث المواصلات وتمديد قنوات الصرف الصحي التي تبلغ تكاليف هذه القنوات مبالغ طائلة لا تقدر عليها إدارة الصرف الصحي.
وأود أن أذكر هنا واقعة حقيقية في منطقة حي السهل حيث تم تحديد مساحات لبناء مدرسة وحديقة مجاورة وبقدرة قادر تم إلغاء هذا التوجه وحل محلها عمارات سكنية.
إلى متى تبقى عملية التوسع العمراني تتم دون وضع قانون لإستعمالات الأراضي للمحافظة على ماتبقى من أراضٍ زراعية.
من يتنقل بين عمان والمدن الأخرى يلاحظ التداخل والامتداد العمراني بينها حتى أصبح الأردن دولة المدينة الواحدة.