في جميع أنحاء المعمورة هناك بنوك متعددة لخدمة العامة؛ فهناك بنوك لغايات تمويل الإسكان أو الإقراض أو التمويل أو التسهيلات، أو الإقراض التمويلي، كما أن هناك بنوكا للإقراض الزراعي؛ أما هنا في الأردن فهناك بنك "خفي" آخر، أخشى أن يتم نسخ فكرته عربيا وعالميا وهو بنك الوزراء التقليدي، والذي سيكون حاضنة لما يسمى بالبنك التدويري؛ أي لعمل Recycling لهم، بغرض استدامتهم والإستفادة من جُلّ خبراتهم المتراكمة!
بنك الوزراء الأردني لا يشترط فيه أحيانا الخبرة ولا حتى السّن؛ لا بل يشترط فيه توفر مهارات الإتصال والتنفيذ، وتلعب فيه "الجغرافيا" دورا مهما ليجد بعضهم يوما ما في سلطة أخرى غير السلطة التنفيذية.
ما من شك بأن الكثير من قراءات حكوماتنا الرشيدة لواقعنا الحالي هي قراءات خاطئة، بدءً من الخروج من عنق الزجاجة الى نظرية الإستهداف والمؤامرة، فالمتيقن لما يجري من أحوال إقتصادية وبطالة مستفحلة وترهل متنامي، ونكوث بالوعود من الطرف الحكومي في تحقيق أدنى ما نصبو إليه، قد بات مستحيلا أو ضربا من الوهم والخيال. مع العلم بأن "الحوكمة الرشيدة" تعزز ثقة المواطن بالإدارة العامة، وتحفظ المال العام.
الواقع الحالي صعب للغاية وغير مسبوق؛ والوعود بالإصلاح لم تجدي نفعا، وما زاد صعوبة الوضع الحالي هو التراخي الحكومي في معالجة العديد من الأمور؛ وأولها الشأن الإقتصادي وما واكبه من بطالة واضحة للعيان، وارتفاع في مستويات التضخم والمديونية التي وصلت إلى حوالي 110% من الناتج المحلي الإجمالي، وما ينذر بالخطر أكثر هو التصريحات التحذيرية التي تطلق بين الحين والحين ممن هم كانوا ومازالوا رموزا في هذا الوطن، وكانوا أرقاما صعبة في إدارة سُدة الحكم في فترة من فترات الدولة الأردنية.
لقد بات ضروريا عمل جراحة مؤلمة للطاقم الحكومي؛ وللبدء الفوري في تنفيذ الرؤية الملكية للتحديث الإقتصادي، ولدراسة "آثار التضخم" على الاقتصاد، وعلى القدرة الشرائية لكافة شرائح المواطنين، وذلك للتمكّن من تقدير هذه الآثار على القوة الشرائية، وخصوصا بعد الرفعة الخامسة للفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة، وانعكاسات ذلك سلبيا على المقترضين المحليين، وقد يكون حلا متاحا العمل على تفعيل "قانون المنافسة" في وزارة الصناعة والتجارة والتموين، للحد من الاحتكار الذي تمارسه بعض الشركات العاملة في قطاعات الطاقة والمياه والمشتقات النفطية، طلبا في المساهمة في تخفيف حدة التضخم من خلال فتح القطاعات الاقتصادية للمنافسة، ولدخول لاعبين جدد للأسواق بما يزيد التنافسية، حيث سينعكس ذلك على تخفيض أسعار السلع التي تقدمها هذه الشركات من جهة، ولتحسين مستوى الخدمات المقدمة من جهة أخرى.
وكخلاصة؛ فبالرغم من أن "الكرة المتدحرجة" ما زال مسيطر عليها ضمن "مضمار الحكومة"، إلا أننا نتأمل أن لا تخرج من مكانها، حيث (قد) لا تحمد عواقبها المستقبلية إن بقيت حكوماتنا تقاد بذات النهج المتبع.