هذه المرة قد تختلف عن كل مرة، لان التخطيط الاسرائيلي بشأن المسجد الاقصى، يركز على هدف اساس تقترب اسرائيل من تحقيقه، ونحن نتفرج على المشهد، وسط شجب واستنكار.
يوم امس والايام الماضية، تواصلت الاقتحامات الاسرائيلية للمسجد الاقصى، وهي اقتحامات اشتدت خلال السنوات الماضية، وبدأت صغيرة، وكبرت بالتدريج، ونراها طوال الاسبوع على فترتين صباحية ومسائية، عدا يومي الجمعة والسبت، وهذا يعني بشكل واضح جدا ان سيناريو التقاسم الزمني تم تنفيذه، حتى لو ادعى البعض انه لم يتم تنفيذه بعد.
خلال الايام المقبلة سيحدث ما يلي وفقا للاخبار المعروفة مسبقا، حيث من المتوقع أن تشهد انطلاق موجة غير مسبوقة من العدوان على الأقصى، من اقتحامات للمسجد، ونفخ في البوق، وذبح للقرابين، والرقص واستباحته سعياً لتهويده بشكل كامل وفرض واقع جديد فيه، وتخطط الجماعات الاسرائيلية برعاية حكومة الاحتلال الاسرائيلي خلال هذه الفترة بالسماح للمتطرفين بالاعتداء على الأقصى من نفخ البوق، واقتحام المسجد بثياب كهنوتية بيضاء، ومحاكاة لطقوس القربان النباتية، وزيادة أعداد المقتحمين للمسجدـ بعد أن دعت جماعات الهيكل لاقتحامات متتالية للمسجد الأقصى، بحجة الأعياد اليهودية خلال الأيام القليلة المقبلة، تبدأ بعيد “رأس السنة العبرية” الموافق 26-27 أيلول الجاري، ومن ثم عيد “الغفران” الموافق 5 -6 تشرين الأول ، و”عيد العرش” الذي يبدأ بتاريخ 10 -17 تشرين الأول.
هذا يعني اننا لاول مرة نشهد اشهارا ليهودية الحرم القدسي، بشكل علني، ومن خلال اللباس والرموز والممارسات الطقوسية المختلفة، التي لم تصل في مناسبات سابقة، الى هذه الدرجة من الوضوح والحدة، ومن المؤكد ان سلطات الاحتلال لن تمنع احدا من ممارسة هذه الطقوس في التواقيت الثلاثة السابقة، وهذا يعني اننا دخلنا فعليا مرحلة التقاسم المكاني بما يعنيه ذلك من أخطار تبدأ بهدم احد المسجدين داخل الحرم القدسي، او حتى السطو على المساحات الفارغة داخل الحرم القدسي، عبر سيناريوهات متعددة ومختلفة تم التحذير منها مرارا طوال عقود.
لا تعرف ماذا سيفعل الفلسطينيون امام هذا المشهد، الا ان احتمالات انفجار مواجهة كبرى يبقى امرا واردا، لاننا امام ظروف مختلفة، فيما لا يوقف احد اسرائيل عن ممارساتها، بما في ذلك الادارة الاميركية التي تعلن انها تريد استقرار الاحوال داخل القدس، لكنها تترك المساحة كاملة لسلطات الاحتلال، لدعم هذه التحركات التي قد تؤدي الى انفجار كل الاوضاع، خصوصا، مع التصعيد الاسرائيلي داخل الضفة الغربية، ونحن امام وضع يشابه تداعيات دخول رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي السابق، ارئيل شارون، الذي اقتحم المسجد الاقصى، وتسبب اقتحامه باندلاع الانتفاضة الثانية، والتي استمرت لسنوات، وتركت أثرا حادا في اكثر من مستوى.
خلاصة الكلام هنا، ان الايام القليلة المقبلة ومن 26 ايلول وحتى 17 اكتوبر فترة خطيرة في القدس، عموما، وداخل المسجد الاقصى، بما يفرض منذ هذه الايام على المقدسيين والهيئات المقدسية والفلسطينية، التنبه الى هذه التواقيت والتحشيد داخل الحرم التقدسي، اضافة الى الدور المفترض فلسطينيا وعربيا ودوليا، خصوصا، ان هذا يعد تغيرات جذرية في طريقة الاحتلال داخل الاقصى، واشهارا للتحدي العلني لتغيير هوية الحرم القدسي، والمسجد الاقصى.
هذا تحذير شديد مما هو مقبل وآت، تحذير من كل ما نراه، ويراد ان نعتبره عاديا، فيما المسجد الاقصى، جوهرة فلسطين الاولى، بالمعنى الديني والسياسي والاجتماعي والوطني، مهددة.
(الغد(