كفانا هذرا .. فازت البتراء
علاء الطراونه
08-07-2007 03:00 AM
يبدو أننا شعب من الصعب ارضائه وينطبق علينا المثل القائل "لا عاجبه العجب ولا الصيام في رجب" , نشكو من تهميش العالم لنا ولتاريخنا وتراثنا وعند أول التفاتة حقيقية ستجعل من البتراء محط أنظار العالم أجمع تتشكل غيوم المؤامرة فوق رؤوسنا من جديد ونسارع مشككين بنوايا الآخرين واصفين ما يجري بأنها حملة موجهة هدفها الاعتداء على جيوب المواطنين واعادة تشكيل الزمان والمكان وتاريخ الدنيا برمتها . لدى نشر "عمون" الخبر الخاص بفوز البتراء توقعت أن تنهال التهاني على الوطن بهذا الانجاز العظيم لكنها للاسف ردود محبطة جاء مجملها يشكك بحملة التصويت وبالاعتراض على آلية الاتصال واستخدام الانترنت باعتبارها متاجرة بالشعوب وبمشاعرهم واعتداء سافر على جيوبهم وما الى ذلك من التهم الجاهزة الصالحة لكل زمان ومكان .
أنا شخصيا مقتنع تماما بأن أكثر من 100 ضريبة هي اعتداء سافر على جيوب المواطنين وأتفهم أيضا بأن تكاليف الدراسة الجامعية المرتفعة ابتزاز حقيقي للمواطن كما انني مقتنع تماما بأن وصول سعر جالون الكاز الى 8 دنانير هو اعتداء ليس فقط على جيوب المواطنين بل على كرامتهم وحقهم بالدفء لكن أن يتم وصف القيام بواجب وطني لا تتعدى تكلفته دينارا واحدا عبر الاتصال والتصويت للبتراء بالاعتداء على جيوب المواطنين فهذا ما لا يمكن تقبله أو استيعابه .
أليست البتراء جزءا من الوطن ؟ أليست الأرواح رخيصة فداءً للوطن ؟ فما بالنا نضج من تكلفة اتصال بسيطة هدفها رفعة الوطن وخدمته وايجاد موقع له بين جغرافيا المدن وتاريخ الشعوب , في الوقت الذي يدفع فيه الأردنيون على الثرثرة ما يتجاوز 600 مليون دينار وهي تكلفة فاتورة الاتصال السنوية وفقا لآخر الاحصائيات .
ومرة أخرى من قال أن الانجاز يأتي بلا ثمن ؟ ولماذا يظل الفكر الريعي ماثلا في أذهاننا ؟ أو ليس حمل الوطن على اكتافنا وايصاله للعالم أجمع مسؤولية كبرى على عاتق جميع الاردنيين ؟ وسؤال آخر أوجهه لكل من قام بالتصويت , ألم تكن تلك المرة الأولى التي تشعرون فيها بجدوى فقدان النقود لأنها المرة الأولى التي تدفع عن طيب خاطر وليس سلبا أو نهبا تحت عدة مسميات كما هو معتاد ؟ كما انني متأكد بأن جميع أصحاب الردود المحبطة لم يقم أي منهم بالتصويت لأن من صوتوا للبتراء صوتوا عن طيب خاطر ولم يجبرهم أحد على ذلك .
كلمة أخيرة لبعض المتشددين في أفكارهم والمشددين على مسألة المعايير والاعترافات الدولية أقول : اذا كانت عجائب الدنيا القديمة تم اختيارها من قبل شخص واحد لم يعتمد أية معايير سوى الانتقائية والمزاجية التي جعلته يعتقد بأن تلك المواقع مميزة دون سواها علما بان الظروف لو سمحت له وتوافق الزمان والمكان واستطاع رؤية البتراء لربما اختارها سابقا فأنني أؤكد بأن السباق الأخير لم يخضع لمزاجية شخص واحد بل تم الاختيار من قبل أكثر من 100 مليون شخص قاموا بالتصويت رغم اختلاف مرجعياتهم وأذواقهم وأمزجتهم .