مذكرة التفاهم الأردنية الأميركية
حمادة فراعنة
18-09-2022 12:08 PM
وقع أيمن الصفدي وزير الخارجية، في واشنطن مع الوزير الأميركي أنتوني بلينكين، مذكرة التفاهم الإستراتيجي الرابعة بين الأردن والولايات المتحدة، إمتد عملها لأول مرة لسبع سنوات، شملت تقديم مساعدات مالية: إقتصادية وعسكرية أمنية، تبلغ 1.450 مليون دولار سنوياً للسنوات المقبلة 2023 لغاية 2029.
ومقارنة مع مذكرة التفاهم الثالثة السابقة التي وقعها في عمان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، لمدة خمس سنوات تمتد من سنة 2018 لغاية شهر أيلول/ سبتمبر 2023، بلغت قيمة مساعداتها 1275 مليون دولار سنوياً، منها 750 مليون مساعدات إقتصادية و350 مليون مساعدات عسكرية أمنية.
والثانية شملت ثلاث سنوات للأعوام 2015 لغاية 2017، وبلغت مليار دولار سنوياً، والأولى وقعت عام 2008 وشملت الأعوام 2009 حتى نهاية 2014.
ويستدل من تتابع هذه المذكرات، والالتزامات المترتبة عليها أن الولايات واصلت دعمها للأردن بثبات، مع ارتفاع نسبة الدعم من أقل من مليار دولار إلى مليار ونصف المليار سنوياً، تأكيداً للشراكة والتفاهم بين البلدين في القضايا الأمنية والعسكرية والاستراتيجية وحرص واشنطن على أمن الأردن واستقراره، بصرف النظر على نوعية الإدارة الأميركية وتقلباتها، بين الجمهوريين والديمقراطيين، بما في ذلك توفر هامش من التباينات والاجتهاد واختلاف الأولويات بين البلدين، ولكن القضايا الأساسية من المؤكد أنها بقيت مستقرة، وكذلك ثبات موقف مؤسسات الدولة العميقة لدى الولايات المتحدة ونظرتها الإيجابية المسؤولة نحو الأردن، سواء من قبل لجان الكونغرس أو الجيش أو المخابرات، أو غيرهم من مؤسسات صنع القرار الأميركي.
ويلاحظ أن إدارة الرئيس الجمهوري ترامب الذي اختلف في تعاطيه السياسي مع العالم العربي وخاصة نحو فلسطين والمستعمرة وإتخذ سياسات وإجراءات غير مسبوقة، لا تتفق مع السياسة الأردنية المعلنة، فقد حافظ على مواصلة الدعم المالي للأردن، ووقع وزير خارجيته تيلرسون مذكرة التفاهم الثالثة في عمان مع أيمن الصفدي يوم 14 شباط 2018.
ففي 6 كانون أول /ديسمبر 2017، أعلن الرئيس دونالد ترامب ووقع قرار الاعتراف أن القدس الموحدة عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، رفض الأردن هذا القرار وشكل رأس حربة سياسية في مواجهة الموقف الأميركي وفي دعم الموقف الفلسطيني:
1- دعا وزير الخارجية الأردني يوم 10/12/2017 ، إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لدى جامعة الدول العربية ورفضوا القرار.
2- قام رأس الدولة جلالة الملك بزيارة عمل إلى أنقرة واتفق مع الرئيس أردوغان لعقد قمة إسلامية في اسطنبول يوم 14/12/2017، إتخذت قرار برفض الإعلان الأميركي بشأن القدس.
3- دعا مجلس النواب الأردني لإجتماع طارئ للاتحاد البرلماني العربي في الرباط يوم 18/12/2017 ، واتخذ النواب العرب قرار بشجب ورفض الموقف الأميركي من القدس.
4- وفي اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23/12/2017، إتخذت قراراً صوت لصالحه أغلبية أعضاء الأمم المتحدة ضد الإعلان الأميركي بشأن القدس.
ومع ذلك حضر وزير خارجية إدارة الرئيس ترامب إلى عمان، بعد عدة أشهر قليلة، ووقع مع وزير الخارجية أيمن الصفدي يوم 14 شباط 2018، مذكرة التفاهم الثالثة بقيمة مساعدات بلغت 1275 مليون دولار سنوياً لمدة خمس سنوات بدلاً من ثلاث سنوات، وزادت 275 مليون دولار عن قيمة وفترة مذكرة التفاهم الثانية السابقة الموقعة في عهد الرئيس الديمقراطي أوباما.
في 28/1/2020، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن، بحضور رئيس حكومة المستعمرة نتنياهو، خطته لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أطلق عليها "صفقة القرن"، ولكنها لم تتفق والمصالح الوطنية الفلسطينية، ولا تستجيب لحل الدولتين، ولا تتضمن القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، ولذلك أعلن الأردن رفضها، وشكل رأس حربة سياسية في دعم الموقف الفلسطيني ضدها، وفي رفض الموقف الأميركي، وخطة ترامب.
موقفان لإدارة الرئيس ترامب، ورفضتهما الأردن:
1- موقف الرئيس ترامب للقدس المعلن يوم 6/12/2017، 2- موقف الرئيس ترامب المعلن يوم 28/1/2020 ، من خطة التسوية، صفقة القرن، لم يتجاوب معهما الأردن وتصدى لهما وعمل بما يتعارض معهما علناً، ومع ذلك بقي الأردن متماسكاً شجاعاً واضحاً بلا تردد وتهته وحافظ على مواقفه ومبادئه كما يراها هو، بما يتفق مع رؤيته ومصالحه الوطنية والقومية نحو فلسطين، ولم يذعن للضغوط والإغراءات، وواصل الحفاظ على مكانته في واشنطن باحترام واقتدار وتكافؤ، رغم حاجته الملحة للمساعدات الأميركية.