لم ينتظر الشباب الفلسطيني الى ما بعد خطاب رئيسهم في الجمعية العامة للامم المتحدة على اهميته على صعيد الداخل الفلسطيني بالرغم من حالة الانتظار والترقب التي تشهدها أروقة بيت القرار الامني والسياسي الاسرائيلي على حد سواء بل اخذ الشباب الفلسطيني بتشكيل جبهة وحدوية جامعة وعريضة تضم الجيل الخامس من عمر الثورة الفلسطينية ليتم تأطير الجميع تحت عنوان واضح ذي دلالة استخدمت في تسمية اشتقت من مفردة ادبية هذه المرة وليس وسياسية اطلق عليها اسم عرين الاسود مركزها نابلس وقيادتها الغربية في جنين والجنونية في الخليل ومنطلقاتها القدس وغزة.

وهو ما جعل من انتشار عرين الاسود يحمل حضور كبير في سائر مدن الضفة الغربية بما فيها رام الله لما حمله من برنامج وحدوي جامع لثورة الكفاح المسلح ولما يقف عليه من ارضية عمل تقوم على المقاومة من اجل الاستقلال واقامة الدولة الامر الذي جعل من شباب عرين الاسود تقدم نموذجا له انصاره ومريديه بعد ما تم تغيير ادوات النضال ووسائله واخذت ما تكون اقرب لنبض الشارع الفلسطيني وهو ما جعله ينتشر باوساط الشباب بطريقة لافتة.

لاسيما بعد ما استنفذت القيادة الفلسطينية كل اشكال التفاوض والعمل السلمي وتمت مواجهتها بسياسات من التسويف والمماطلة وباتت القضية الفلسطينية كما يصف المتابعين لسياسية هذا التنظيم الجديد لا تشكل اولوية لسياسيات الاقليمية ولا نصرة ذات دلالة من المجتمع الدولي وهو ما جعل الشباب الفلسطني يعيد انتاج الذات النضالية بادوات مغايرة وبمنهجية عمل كسرت متلازمته الحالة النمطية للحياة الحزبية التقليدية وكسبت نصرة من قيادات كتائب الاقصي كما من بقية الفصائل النضالية الامر الذي جعل من شباب عرين الأسود يشكلون حالة قد تكون حركتها الصفرية بعد خطاب الرئيس الفلسطيني ابو مازن في الجمعية العامة للامم المتحدة والذي سيشكل خطابا مفصليا وفاصلا في تاريخ العمل النضالي الفلسطيني كما يصف ذلك الكثير من المتابعين.

وعلى الرغم من محاولات تشكيل قوات خاصة فلسطينية ترتقي الى مستوى الجيش الا ان حالة التمدد التي يقودها عرين الاسود بين الاوساط الشبابية الفلسطينية اخذت ما تكون تيار شعبي وحدى عريض وواسع وهو ما يؤهله كما يصف ذلك مراقبين لحمل لواء التغيير القادم في حال قام الرئيس الفلسطيني بالاعلان عن انتهاء حالة المراوحة في ميزان التفاوض وهو العنوان الذي سيجعل من الضفة الغربية وحتى غزة التي يزورها وفد عسكري امريكي رفيع المستوى لاول مرة ان تنخرط جميعها ضمن صفوف البرنامج السياسي القادم للجيل الفلسطيني الخامس من عمر الثورة لتكون تحت عنوان عرين الأسود الذي اخذ يدعو الشاب العربي لمناصرته ونصره.

محاولة القيادة الاسرائيلية التخفيف من سياسية الاستفزاز باتخاذ خطوات انسحابية تخفيفية وكذلك القيام باعلانها من دعم السلطة الفلسطينية هي محاولات يبدو انها جاءت متأخرة جدا لاسيما بعد ما قامت القيادة الاسرائيلية بحشد ثلاثين الف من مقاتليها في الضفة الغربية على الصعيد الميداني بعد ما اعلنت معظم احزابها على المستوى السياسي في برامجها الانتخابية عدم رغبتها الدخول في ميادين تفاوض جديدة من السلطة الفلسطينية وعدم اقرارها بمبدأ كان اتفق عليه يقوم على (حل الدولتين) كما نصت القرارات الاممية واعلانها القدس الموحدة جزء من السيادة الاسرائيلية وما زالت تذعن بعمليات الاستيطان والتضييق وهو ما جعل من الشاب الفلسطيني يذهب للحديث عن خيارات اخرى تبدأ بالانتفاضة وتنتهي بالاستقلال وذلك بعد ما خيم على الشباب الفلسطيني حالة انطباع عام مفادها يقول ان لا امل بالمسار السياسي ولا حل الا بالمقاومة.

فان مسألة المحافظة على الحالة السائدة في الداخل الفلسطيني كما هي بصورتها الضبابية والعدمية الحالية باتت مسألة صعبة المنال في ظل انسداد الافق السياسي واتباع حالة المراوحة في المكان الذي لا تنشد أمن ولا تحقق آمان ولا تعيد حقوق بل تقوم على كسب مزيد من الوقت من اجل ضم الضفة الغربية إلى الجغرافيا السياسية الاسرائيلية وهي الحقيقة التي غدت واضحة بعد ان تم تسويف حل الدولتين وممانعة وعودة الضفة الغربية لعمقها في الضفة الشرقية والذي اعتبرته القيادة الاسرائيلية هو الحل الاخطر على اسرائيل من حل الدولتين..

ظاهرة عرين الاسود هي ظاهرة تحذيرية ذاتية وليست نابعة من اسقاطات دولية نقيضة كما يحلو للبعض تفسيرها وان كان لا يضيرها الاستفادة منها فان عدم اليقين من المستقبل سيؤدي لانعكاسات عميقة يصعب السيطرة عليها ان تفاقمت وهو ما يجسده الحال بالداخل الفلسطيني الذي يعيش مناخات خطيرة بعد ان دخل بحسابات (مابعد ابومازن) سياسيا وهو الحال الذي يستلزم الاستدراك قبل ان تقع المنطقة بالمحظور الذي يصعب السيطرة عليه احتواء اذا ما وقع.

فعلى الرغم من كل الضمانات الامنية التي تقدمها الولايات المتحدة الامريكية للفلسطينيين ولكل الوعود التى يقطعها المجتمع الدولي على نفسه على الصعيد السياسي وكل التأكيدات التي يتحدث عنها زعماء العالم فلقد بقيت هذه من دون نتيجة تذكر لذا فإن الشباب الفلسطيني قد قرر ان يعمل من اجل تحقيق اهدافه وهذا ما يتطلب من إسرائيل العودة لمفاوضات واحترام التزاماتها تجاه حل الدولتين باعتباره ثابت ملزم والا فان المنطقة على وشك الدخول في طور اخر ولن تكون هذه الصحفة من تاريخ النضال الفلسطيني كما سابقتها بل سيكون على مقياس عرين الاسود.

وهو ما حذر منه جلالة الملك بمناسبات عدة ومن على منابر متعددة عندما حذر الجميع من وصول المجتمع الفلسطيني لحالة من الاحباط التي اوصلت الشباب الفلسطيني للبحث عن خيارات اخرى والتي أخذ بتشكيل عنوانها شباب عرين الاسود وهو ما ينتظر ان يحمله جلالة الملك للامم المتحدة لنصرة الشعب الفلسطيني وفي الوقوف عند حالة عرين الأسود.