حكومة المالكي .. هل حانت ساعة الحقيقة؟
محمد خروب
08-07-2007 03:00 AM
يبدو ان العمر السياسي لحكومة نوري المالكي قد انتهى، ليس فقط لان جبهة التوافق السنيّة بالمناسبة ما تزال مُصرّة على مقاطعة جلسات مجلس الوزراء (ومجلس النواب أيضاً) سائرة على خطة التيار الصدري الذي سحب وزراءه من الحكومة وقاطع جلسات مجلس النواب بعد ذلك، وانما ايضاً لأن موعد التقرير الذي سيقدمه قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال باتريوس قد اقترب، في ظل قناعات أميركية آخذة في الازدياد، بأن الاستراتيجية الجديدة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي ووزير دفاعه روبرت جيتس، لم تحرز النتائج المتوقعة وبالتالي فان زيادة عديد القوات الأميركية في بغداد، والايقاع المرتبك الذي سارت عليه عملية فرض القانون والنظام في بغداد، قد وصلت إلى مأزق كبير، يصعب الخروج منه في الشهرين المتبقيين لتقديم التقرير بداية شهر ايلول المقبل.وإذ تحفل المواقع الالكترونية العراقية بأنباء لافتة حول اصابة نوري المالكي بجلطة قلبية، على ما نقل موقع
وكالة "عمون" الالكتروني
يوم أمس، في الوقت ذاته التي تنقل مصادر عديدة عن رغبة المالكي في اجراء تعديل
واسع ، على حكومته ورواج شائعات عن ان مرحلة ما بعد المالكي قد بدأت بعد أن حسمت ادارة بوش أمرها، (يقال انها ستدعم انقلاباً عسكرياً عبر وضع جنرال على رأس حكومة مقلصة العدد، بعد أن تراجع خيار الاتيان بإياد علاوي)، فان من الحكمة التوقف عند ابعاد ودلالات بالونات الاختبار هذه التي تطلقها اكثر من جهة ولأهداف متباينة وخصوصاً مسألة التوقيت، الذي لا يبدو بريئاً او عفوياً.
صحيح ان حكومة المالكي قد اكملت عامها الاول (تشكلت في حزيران من العام الماضي) وصحيح ايضا انها لم تنجح في تحقيق أي انجاز يذكر على أي صعيد، بدءاً بالملف الأمني مرورا بالخدمات والمرافق العامة دع عنك البطالة والتهجير واعادة الاعمار او السيطرة على الثروات الوطنية (النفط على وجه التحديد الذي تتحكم به قوات الاحتلال الاميركي) ولم تضع حداً للفساد الذي تفاقم ولم تقم بلجم الميليشيات بل قامت بحمايتها وتقديم النصح والدعم لها، وهي ايضا فشلت في تحسين علاقاتها بدول الجوار، بل قامت باستعدائها وتوجيه الاتهامات لها بدعم الارهاب والتدخل في شؤونها، وفوق ذلك بدت وكأنها حكومة لحزب او طرف او مذهب او طائفة معينة، بدل القيام بالمهمة الوطنية التي انتدبت لها والتي هي من صميم عمل الحكومات في الانظمة الديمقراطية بالطبع ، وهي حماية ورعاية والنطق باسم الشعب العراقي كله بصرف النظر عن الطائفة او المذهب او العِرق..
نقول: في كل ما سبق جزء كبير من الدقة والقراءة الصحيحة.. إلاّ أن المسألة لا تكمن في الازمة التي تعصف بحكومة المالكي وتواضع اداء رئيس الحكومة بل خيبة الأمل بادائه وادارته وهو امر عبر عنه سياسيون نافذون في ادارة بوش، كما في الكونغرس الاميركي وقيادات عسكرية اميركية رفيعة في العراق كما في البنتاغون وشاركهم في ذلك طيف واسع من العراقيين وخصوصاً حلفاء المالكي في الائتلاف العراقي الموحد (الشيعي)..
المسألة في ما يبدو اعمق من ذلك بكثير وأكلافها الباهظة بل وانعدام الخيارات او تقلصها هي التي ما تزال تحول، دون اطاحة المالكي وحكومته وخصوصاً ان البدائل التي يجري الحديث عنها قد تزيد من عمق المأزق الاميركي، وتضع ادارة بوش مباشرة امام استحقاقات لا ترغب راهناً في مواجهتها او دفعها وهذا ما يمكن استنتاجه من دعوة الرئيس بوش قبل يومين الأميركيين الى ابداء المزيد من الصبر الى ما يحدث في العراق.
المالكي الذي يراقب بدقة وانفعال كل ما يجري ويدرك ان الطوق يشتد على حكومته (وعلى رقبته أيضاً)، يسعى لانقاذ مستقبله السياسي الذي بات محفوفاً بالمخاطر الجدية، بعد ان تآكل رصيده الذي بدده على معارك وهمية افتعلها وعلى توجهات طائفية ومذهبية تمسك بها وأقام في مربعاتها ظناً منه انها الطريق الاسلم للبقاء السياسي ونيل رضى مرجعيات حزبية وسياسية ودينية معينة، فيما كان يتسارع تصدع العراق واحتمالات انهياره المتزايدة ولهذا اخفق في قراءة المشهدين العراقي والاقليمي (وخصوصاً العربي منه) بدقة وخضع أو أُخضع (لا فرق) لجدول أعمال طائفي وفئوي، مترع بدوافع واحقاد ثأرية وانتقامية تقوم على ثقافة استئصالية واقصائية سحبت كلها من رصيده السياسي المتواضع اصلا ومن مصداقيته التي حاول تسويقها بل هو ذهب في لحظة ما بعيداً، عندما قال في غضب رداً على محاولات بوش ورامسفيلد وقتذاك الزامه بأجندة زمنية لتنفيذ خطة أمنية شاملة: أنا لست رجل أميركا في العراق .
حسناً، يمكن صرف النظر مؤقتاً عن كل المآخذ والاخطاء التي قارفها المالكي وحكومته طوال السنة الماضية... فهل يمتلك الآن القدرة على رفض القرار الأميركي باطاحته إذا لم يكن رجل أميركا في العراق؟.
الأيام المقبلة - والتي يبدو انها ليست بعيدة - تحمل الاجابة.. فلننتظر!.
kharroub@jpf.com.jo