كلام في ملف العرب المسيحيين ..
ماهر ابو طير
04-10-2010 04:08 AM
سكت العرب على مسيحيي القدس وفلسطين ، والسفارات الغربية تمنحهم التأشيرات ، حتى بات عدد "مسيحيي فلسطين" في "فلسطين" قليلا للغاية.
مع هؤلاء يتم ذبح مسيحيي العراق على الهوية ، فيتم تفجير كنائس وقتل المسيحيين باسم الدين او تخفياً وراء قناع اسلامي ، فيما الاسلام لم يطلب من احد ان يقتل احداً اخر بهذه الطريقة ، ويتم فوق ذلك تهجيرهم ، ومن يعرف لا يستغرب هذا التفريغ المتواصل للعراق من المسيحيين فيتم منحهم التأشيرات للهجرة الى الغرب.
بعد هؤلاء تطل الفتن برأسها على مصر على اساس ديني بين المسلمين والاقباط ، واذ كنا نسمع احياناً صوت العقلاء في مصر يمتصون جنون التطرف ، فان كثرة تسير وراء التطرف ، فتدب المشاكل على اساس ديني ، على خلفية تصريحات دينية واعلامية ، وما تبثه مواقع الكترونية ضد كل دين ، وقضايا لها علاقة بالزوجات وانظمة الطلاق.
الكل يتفرج. وملف مسيحيي العرب يتم فتح صفحاته صفحة تلو اخرى ، على يد من لا نعرف ، وبما يؤشر على ان كل المنطقة سيتم تفتيتها دولة تلو دولة.
حين كان يقال ان التفتيت سيبدأ وليس له نهاية لم يكن يصدق احد ، ولم يكن يهتم احد اخر.
حيثما وليت وجهك لا ترى الا صراعات تتناسل على اساس الدين ، وعلى اساس الفئوية والعائلية والعرق والمذهب ، وغير ذلك من مبررات.
ان لم يتم اهلاك الشعوب بحروب مذهبية يتم حرقها بحروب مع تنظيمات وفصائل ، او بحروب اهلية ، وفي حالات بحروب دينية ، او على يد طبقات الحكم الفاسدة ، والا احضروا لنا حربا خارجية على ابوابنا.
المستقبل يقول: العالم العربي ذاهب الى الخراب ، وكأنه صنم من تمر هذا اوان اكله.
حين يتهمنا الغرب بالارهاب والتطرف ، واننا لا نقبل احداً اخر ، يأتي الرد بالوجود المسيحي العربي الذي هو وجود عربي اصيل ، ولربما دافع المسيحيون العرب عن هذه المنطقة اكثر من بعضنا ، لانهم ابناء المنطقة ايضا.
هم ليسوا في اختبار تاريخي لا ينتهي لنواياهم ، وهم ايضاً من بيننا ، فتحزن بشدة على ان يصل السكين الى عنق المسيحية العربية ، وكأن الامر لا يخصنا.
فوق ذلك لا تلد الكراهية الا كراهية. لا تجد عربيا يحب الاخر. كل عربي يستمتع في شرح سمات العربي الاخر السيئة والسلبية ، واغلب العرب ينفرون من بعضهم ، وكأن البغضاء والكراهية حلت في صدور الجميع.
وكأن العرب بحق مثل اصنام التمر في الجاهلية ، التي كانت تعبد ، لكنها تتحول الى لقمة هنية في فم اصحابها اذ يجوعوا ، وها نحن نتفرج على عرب الكراهية وهم يتخلون عن كل هذا التنوع التاريخي ، لصالح الانفراد بالذات المريضة ، وهي ذات ستقتل صاحبها في نهاية المطاف ، بعد ان لا تجد احدا لتخاصمه.
الحبل السري بين المسيحيين العرب وهذه الارض حبل شرعي ، والمسيحيون ليسوا طائفة ولا غيتو ولا من المهمشين المنبوذين.
كل ما يريده المرء لهذه البلاد ان تسلم ، وتستعيد روحها التي استوعبت كل هذا التنوع الغني ، والذي كان سببا في رفعتها ، فأذا به اليوم يصبح وسيلة لتقسيمها وتدميرها من الداخل.
.. الا ليت الخراب يتوقف عند هذا الحد،.
mtair@addustour.com.jo
الدستور