جلستُ عند مسؤول كبير ذات يوم ومعي بعض الشباب: نضحك ونتناقش نقاشاً طريفاً لا أهمية له: وكلّما رنّ موبايله قطع ضحكته ورسم كشرة المسؤول إللي يعجبك وقال: أيوة: معلش تحاكيني بعدين أنا في إجتماع الآن.
لم أكن أصدّق أنا هذا اجتماعاً إلا بعد أن تواعدتُ مع آخر في بيته وهات يا قرّ على خلق ربنا وكان يصرّ على أن يقول إنه في اجتماع مهم كلما رن عليه أحد غير مهم بالنسبة إليه.. وكنت بعد ذلك أتذكر كل اتصالاتي في اللحظات الحرجة بالكبار وكانوا يقولون لي: معليش معليش كامل حاكيني بعدين أنا في اجتماع مهم.
عذر أنك في اجتماع صار العلاّقة التي بدلاً من أن تضع عليها ملابسك فإنك تضع عليها أوجاعهم وشغفهم للاتصال بك وقت الضرورة.. والغريب أن جيلي والجيل الذي بعدي صار يستخدم كلمة meeting بدلاً من كلمة اجتماع وليس لديّ أدنى اعتراض على اللفظة ومين أنا حتى أعترض على لغة صرنا نتعاطاها قبل الأكل وبعد الأكل: بل كل اعتراضي على أن (الميتنغ) هو (ميتنغ) كذب.. فغالبية الشباب الذين يجلسون معي يقولون لي: مش عارفين وين بدهم يقضون وقتهم ومع أول تلفون يأتيه يعتذر بصوت منخفض: معلش عندي ميتنغ أو بأحاكيك بعد الميتنغ.. أو عندي ميتنغ بعد ساعة وبعدها عندي ميتنغ ثاني.. شوفوا أبو الكذب..؟؟ قال ميتنغ قال..؟؟.
واضح أن حياتنا صارت كلها (ميتنغات) فاضية.. ما زالت العشائر تعمل ميتنغ عشان تطلع مرشحها.. ما زالت جامعة الدول العربية تعمل ميتنغ في ظهر ميتنغ ولم تستطع للآن أن تنجح في ميتنغ واحد يبيّض وجهنا مع أي حدا من برا نعمل معه ميتنغ غصب عن إللي خلفنا.
العالم كله الآن مشغول بالميتنغ.. وما حدا أحسن من حدا: مضطر أوقف لهون لأني إنسان بلا ميتنغ: ورايح أشحدلي ميتنغ وأخبّيه لليوم الأسود.. ومن اليوم وطالع كل واحد ينام على الميتنغ إللي يريحو.
abo_watan@yahoo.com
الدستور