نزاهة النواب في قضايا الفساد
سلامه الدرعاوي
04-10-2010 03:44 AM
مجلس النواب المنحل كان "فنانا" بتشكيل لجان تحقيق في موضوعات مختلفة كان آخرها دراسة التجاوزات في امانة عمان الكبرى, لذلك فان النواب القادمين ستكون امامهم حزمة كبيرة من تقارير تلك اللجان المخباة في ادراج المجلس, فكيف سيتم التعامل معها?.
لجان التحقيق التي عادة ما يشكلها مجلس النواب ليس لها اية مصداقية في الشارع العام, لعل ابرز الاسباب في ذلك يعود الى المناكفات الشخصية التي تلعب دورا رئيسيا في تحريك القضايا بين النواب من جهة, وغياب الرقابة المؤسسية التي تؤطر عملية المحاسبة والتقييم من السلطة التشريعية على اجهزة الدولة من جهة اخرى.
ما زال الرأي العام يتذكر تلك الحالة المزرية التي مر بها النواب اثناء التحقيق في حيثيات برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي وصيحاتهم تحت القبة باحالة المسؤولين عن هدر المال العام الى القضاء, وبعد ذلك تشكيل لجنة نيابية خاصة معنية برفع توصيات التحقيق في تفاصيل البرنامج, لا بل كان الاكثر مرارة هو عودة رئيس مجلس النواب من المطار بعد ان خضع لضغوطات كبيرة واصداره تقريرا خجولا حول البرنامج من دون الكشف عن تفاصيل التحقيق ونتائجه, لا بل ان مجلس النواب اخفى في ادراجه بالتعاون مع الحكومة في ذلك الوقت تقييم البرنامج الذي اعدته احدى الشركات الاستشارية, وكان واضحا للجميع ان المجلس تعرض لأبشع اشكال الضغوطات من قوى تغولت على اجهزة الدولة الدستورية.
وليس الوقت ببعيد, قبل اشهر قليلة شكل مجلس النواب لجنة تحقيق نيابية لدراسة ما عرف - في ذلك الوقت - بتجاوزات رئيس مفوضية العقبة حسني ابو غيداء, وبين الفترة والاخرى تخرج تصريحات وتسريبات اعلامية حول نتائج التحقيق, بعضها يبرئه وآخرى تدينه, والمجلس بشكله الرسمي متحجر تجاه تلك القضية التي باتت حديثا للرأي العام وتثير تساؤلات حقيقية حول دور المجلس في التشهير بالشخصيات بعد ان صمت كثيرا في كشف نتائج تحقيق لجانه التي باتت لا تحصى لكثرتها.
من حق مجلس النواب ان يشكل لجان تحقيق في كل صغيرة وكبيرة في الشأن العام, فهو صاحب السلطة في عملية مراقبة وتقويم الاداء الرسمي, ولا ديمقراطية حقيقية من دون تفعيل هذا الدور الذي يتطلع اليه الشارع العام من اجل معالجة اية اختلالات او تشوهات.
المشهد العام لتلك اللجان النيابية يُظهر انها أطر تتشكل لتخدير الازمات وترحيلها الى اشعار آخر بغرض المناكفة السياسية.
لا يوجد ادل على ضعف الرقابة البرلمانية على الاداء الرسمي من آلية تعاملها مع التقارير الدورية لديوان المحاسبة او متابعتها للشأن الاقتصادي فيما يتعلق بالميزانية العامة والتطورات المتسارعة التي تتطلب رقابة وتقويما لمشاركة السلطة التنفيذية مسؤولية اتخاذ القرار.
ليس المقصود هو التشكيك بنزاهة السلطة التشريعية, فهي تبقى سلطة دستورية تعكس الحالة الاردنية في كثير من المجالات, لكن المطلوب هو النهوض بواقع ادائها المرير, وتنمية مقدرتها على الاقتراب اكثر واكثر من الشارع العام وتعزيز مصداقيتها لانها في النهاية تبقى الجهة الاكثر اقترابا من الشارع من اي جهة كانت, لكن في الفترة الاخيرة اتسعت الفجوة بين الناخبين والنواب بسبب الممارسات الاخيرة لاعضاء السلطة التشريعية, لذلك فان عملية اعادة الثقة بين الجانبين تحتاج الى اجراءات واقعية وسلوكيات تصب اولا واخيرا في المصلحة العامة.
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم