ألم تسدل الستارة على المونديال بعد؟
سامي الزبيدي
03-10-2010 04:07 PM
ما كان لي ان اعترض للكتابة في موضوع فني بحت لولا الظلال السياسية التي رافقت الاعلان عنه منذ اللحظة الاولى، واقصد هنا موضوع التشويش على بث مباريات المونديال الأخير الذي اخذته الجزيرة حصرياً وقيل ان التشويش مصدره الأردن.
الموضوع فني صرف والتهمة في عنوانها الرئيس فني يتصل بقيام أفراد أو جهات بالتشويش على بث الجزيرة الرياضية خلال نقل المباريات ما بين العاشر من تموز وحتى العاشر من آب الماضي ، غير ان الادعاء بان الأردن كان منطلق التشويش وبالتالي المطالبة بتفسير «رسمي» لهذه الفعلة ينطوي على قدر من التوظيف السياسي يتصل في ادارة الاتهام على فرض التوثق من مضمونه وهو امر يلقي بظلال من الشك حول الدوافع والتوقيت.
لا أحد عاقل يقبل بان يبرر عملا كهذا فهو في ابسط تعريفاته عمل غير قانوني ومؤذ للمحطة ولمشاهديها ويفتح بالتالي سابقة غير مقبولة في المجتمع الدولي غير ان المعلومات التي كانت تنتظر سماعها ادارة الجزيرة كان يمكن الحصول عليها وفق قنوات ليس الفضاء من بينها لو صدقت النوايا في حين ان انتهاج الفضاء المفتوح بثا للحصول على اجابة رسمية ينطوي بحد ذاته على تحد لكرامة دولة لم تعتد ان تخاطب بمثل هذا الاسلوب غير الموفق والمؤذ لسالكه.
كان هناك اكثر من وسيلة متاحة للاتصال بمرجعيات رسمية أردنية للوقوف على ملابسات الأمر برمته خصوصا وان مدير المحطة المذكورة كان في عمان قبل اقل من شهرين وسرب لاصدقاء له ان محطته كشفت مصدر التشويش وانه الأردن ، وما دامت معلومات الجزيرة متوفرة منذ زهاء الشهر ونصف الشهر على اقرب تقدير أليس من الواجب ان تنتظر هذه الادارة اجابة وفق قنوات غير القناة الفضائية لعل التوصل الى اجابات فنية شافية يكفي المحطة مؤونة الدخول في سجال مع دولة شقيقه يجري دائما الادعاء بالحرص على علاقات ايجابية معها.
في المقابل فقد كانت الاجابة الرسمية اننا مستعدون لاستقبال مضامين الاتهام الفني والتوثق من صدقيته عبر خبراء موثوقين من الجميع وصولا الى حقيقة الأمر وبعد ذلك فأن احداً لن يتستر على فعلة كهذه فيما لو ثبت صدق الادعاء.
كل هذا لم يحصل وبدلا منه جرى تفجير القنبلة في وجوهنا وكأن المطلوب هو إحراحنا وحشرنا في الزاوية أمام الرأي العام العربي وهو أمر ينطوي على نكاية سياسية لم نفاجأ بها وان كنا نستنكرها.
كأني بالزملاء في الجزيرة قد خططوا للأمر بما يفضي الى النتيجة التي يريدون, ففي البدء جرى الاتهام صراحة عبر صحيفة لندنية واخذت الجزيرة عنها ما كتب, وفيه اتهام صريح للأردن ثم تبنت الجزيرة ما قالته الصحيفة اللندنية وزادت ببيان بدلا من ارسال من يتوثق من الامر، ثم تابعت الصحيفة اللندنية انها لا تستبعد ان يكون هناك من عبث في التشويش من خارج الاطر الرسمية حيث قالت «الجارديان « في تقرير لها :» انه استنادا للوثائق التي معها فان موظفين سابقين في شركة خدمات بث فضائي تعمل في الأردن قد يكونون هم المسؤولون عن التشويش الذي صدر من الأردن دون علم الحكومة الأردنية» ، ففي الهجوم تم الاستناد الى تقرير الغارديان وفي التراجع جرى ايضا الاعتماد على تقرير آخر لذات الصحيفة.
اذا كان كلام الغارديان في التقرير الاول صحيحا فلماذا تراجعت عنه واذا التراجع كان نحو الصواب فمن سيعوض الأردن والأردنيين عن الإيذاء المعنوي الذي لحق بهم وبدولتهم جراء الاسراع نحو الخطيئة المتمثلة في الاتهام الرسمي والمطالبة بتفسير؟.
انا كمواطن أردني لا استطيع قراءة دوافع هذا الضغط السياسي في امر فني بحت الا في اطار اضعاف الموقف السياسي انتظاراً لما قد يطلب منا في مقبل الايام فالكرة المونديالية التي ركلت نحو مرمانا لم يكن هدفها – كما هو واضح – البحث عن حقيقة التشويش بل ثمة شيء آخر سياسي بامتياز لعل مدير المحطة اكثرنا دراية به.
الأردن من اول عشر دول في العالم ضمن مؤشرات العولمة ومعنى هذا ان الأردن في مقدمة دول العالم الثالث وبعض الدول المتقدمة ايضا في مدى التشبيك الكوني سواء في تبني الاطر التشريعية المعولمة او في الالتزام الطوعي في ما تقره المواثيق الدولية وبالتالي فان دولة كهذه لا تتبنى سلوكا يفضي الى ما ادعت به الغارديان والذي تراجعت عنه لاحقا, كذلك فان الحقيقة هي غاية الرأي العام الاردني الذي يريد–ربما اكثر من الجزيرة – معرفة الحقيقة.
ليس في مصلحة الشقيقة قطر الادعاء بتسجيل اهداف في المرمى الأردني فهذا امر لا يراكم شيئا في الذاكرة الاخوية كما ان هذا المرمى ليس مشرعا لمن يريد تجريب حظه في التهديف فالذاكرة الأردنية مليئة بمحاولات كهذه لم يكتب لها النجاح.
عموما المشكلات تبدأ دائما كبيرة ثم ما تلبث ان تصغر وقد يصغر معها من اعتقد انها ستبقى بذات الحجم والاصل ان يجري التعاون فنيا لمعرفة الحقيقة ان كانت الحقيقة ضالة الاخوة في المحطة وبعدها يستطيع صاحب الحق ان يطالب بحقه، اما الاسراع في الادانة ثم البحث عن الادلة فهذه لعبة لا نتقن ان نكون شركاء فيها.
Sami.z@alrai.com
الرأي