حادثة "اللوبيدة" للدروس والعبر .. والإجراءات
فيصل تايه
14-09-2022 01:55 PM
تعيد حادثة انهيار مبنى "اللوبيده" المؤسفة إلى الواجهة ملف ترميم المباني القديمة المتهالكة وضرورة العمل على صيانتها وحمايتها، حيث ما زال الكثير من المواطنين والمسؤولين يناسون هذه القضية الهامة ، والتي هي مشكلة مؤرقة ، فالمباني القديمة والتي بنيت بالاساس قبل عشرات السنين دون قواعد بنائية سليمة ، ما زال الكثير من المواطنين يقطنونها ويتوارثون الإقامة بها ، لكن وبالرغم من ان تلك المباني السكنية قد رممت عدة مرة على مدى سنوات لكنها "اساسها ضعيف" وبنيتها التحتية متهالكة ، وباتت تشكل مشكلة خطيرة قائمة بحد ذاتها تهدد حياة المواطنين ، وتحتاج الى اجراءات عاجلة ، فقد اصبحت وبعد كل تلك السنوات من إنشائها غير صالحة للاستخدام والسكن بل ولابد من هدمها واعادة بنائها.
ما حصل في هذه الحادثة الأليمة ونتيجة لهذا النحو الانجرافي الكارثي متوقع لأي بناء متصدع فاق عمرة العمر الافتراضي للبناء ، فما دفعه سكان مبنى "اللوبيدة" كان ثمناً من حياتهم الهانئة تحت سقف متصدّع كان يأويهم ، أدى إلى انهيار الطوابق على رؤوسهم ، ليفقد عدد منهم حياته نتيجة غياب الرقابة والإهمال المتراكم لملف المباني القديمة ، ما يعيد إلى الأذهان صورة انهيار مبنى "الجوفة" قبل سنوات قليلة ، والمأساة التي رافقت ذلك السقوط ، علماً انه لم يصدر عن الدولة أيّ قانون أو إجراء عمليّ منذ ذلك الحين وقبله وبعده لحماية المباني المتصدّعة والمهدّدة بالسقوط وعددها يتجاز العشرات خاصة تلك المباني المطلة من على سفوح جبال عمان السبعة المنحدرة .
الحادثة اليوم لن تمرّ "على هولها" مرور الكرام في أذهان المسؤولين الذين سوف يتداعون إلى إصدار التقارير ، وإلى تقديم بيانات الاستنكار ، وتشكيل لجان التحقيق للوقوف على حقيقة ما حصل ، لكن ما بات يخيفنا سقوط مبنى آخر - لا قدر الله- وحدوث مأساة جديدة لعائلات تنتظر مصيرها في المباني القديمة المتهالكة القائمة والتي جاوز عمرها السبعين عامًا ، وبخاصّة في مناطق عمان القديمة ، والتي تزداد تصدّعاتها يوما بعد يوم ، وما يخيفنا أن الأردن منطقة نشطة زلزاليًا رغم ان هذا النشاط معتدل اذا ما قورن بغيره من الدول ، لكن تلك المباني لا تحتمل ايه هزات -لا سمح الله- .
اننا ونحن نرى اليوم تلك المباني القديمة المتعاليه البنيان وقد تجاوزت عمرها الافتراضي المتوقع ، والتي اصبحت تشكل قنبلة موقوته لقاطنيها لنرفع الصوت عاليا ، بل لا بد أن نعترف بأنّ تلك المباني المتهالكة لا يجدي بها الترميم ، وعلى الدولة أن تتحمل المسؤولية في ذلك بشكل عاجل ، فنحن أمام كوارث قد تهدّد حياة المواطنين ، لذلك فالمطلوب الان سلسلة اجراءات فورية بدءاً من ان يكون هناك تدابير رادعة بحق من يهمل الصيانة الدورية اللازمة لتلك الابنية ، وصولاً الى اجراء كشف رسمي من قِبل الاجهزة الرسمية المختصّة وتفعيل اجهزة الرقابة لتنظيم عملية الكشف الدوري السنوي على الابنية للتأكد من متانتها وسلامتها ولتفادي وقوع كارثة جديدة ، وحثّ مالكي تلك المباني على اجراء الاصلاحات الضرورية اللازمة ، وعند التعذّر القيام بذلك على نفقة المالك الخاصة لا بد من اتخاذ اجراءات قانونية رادعة بحقة ، مع ضرورة إيجاد آلية لحماية حقوق الناس وسلامتهم والتوصل إلى حلول تسهل الأعمال التي تدخل في الحفاظ على سلامة الأبنية وسلامة الناس عبر توفير مواد البناء والمساعدة في اعمال الصيانة والترميم بأسعار مدروسة ، كما ويجب تفعيل القوانين وتفعيل اجهزة الرقابة لتدارك ازمة الانهيار ، فالقوانين بحاجة دائماً لتطوير وتعديل بما يتماشى مع حاجات المجتمع ومتطلباته .
واخيرا وبعد هذه الحادثة ، اعود الى القول ، ان الوضع بات لا يحتاج للتسويف ومزيداً من التأجيل ، فلابد من التحرك على الفور باصدار قرار عاجل ، اولا بحصر كل المباني السكنية المتهالكة والايلة للسقوط والانهيار لأدراكها وادراك ساكنيها ومستخدميها ، وإصدار تقارير سنوية دورية لتقيمها والمباشرة بإجراء اللازم ، وان تطلب منها الهدم يتم هدمها ، وإعادة تشييدها من جديد فحياة الانسان هي الاغلى وهي الثروة الحقيقة للدولة وهو مكونها الأساسي ومن اجله تطلق الدول استراتيجياتها ومشاريعها التنموية وهو اهم عنصر من عناصر تقدم وتطور الامم والحكومات أنشئت من اجل خدمة الانسان في شتى مناحي الحياة .
رحم الله الضحايا الذين قضوا في فاجعة الانهيار هذه ، والهم اهلهم الصبر والسلوان ، وتمنياتي للمصابين بالشفاء العاجل ، وكل الشكر لكوادر الدفاع المدني والجهات الامنيه الذين بذلوا قصارى جهودهم من اجل إنقاذ ارواح المواطنين