الكوارث ليست استثناءً بل هي ظَرْفٌ مُواكبٌ للتطور البشري و لا يجوز الآن الاستفراد بكارثة اللويبدة علي أنها تقصير فلان أو علان دون تحقيقٍ وافٍ. شهدنا علي مَرِّ الأعوام الماضية و حديثاً كوارث أودت بالحياة و قادت تبعاتها للمحاكم و العقوبات. و ننسى ربما أننا نتعامل مع طبيعةٍ مناخيةٍ و تطوريةٍ تتغير بمرور السنين. و التطور قد يكون مؤذياً و قد يكون نافعاً و هو علي أي حال سلاحٌ ذو حَدَّين. و لا يجوز أن نتوقعَ حياةً ذات متطلباتٍ متسارعة دون حوادث و كوارث. بعض الأمثلة.
كل ما يسير في شوارعنا من مركبات هو تطور مفيدٌ و مؤذٍ حسب الاستخدام. تدهور ناقلة وقود أو غاز قد يسبب كارثةً. بالأمس توقفت لتعبئة سيارتي بمحطة وقود لأجد عاملاً يُدَّخِنْ. و زبوناً كذلك. كارثة. أبراج السادس كارثةٌ محتملة دون إحتياطات السلامة. البنايات القديمة ليست بحد ذاتها مشاريع كوارث إلا أن عدم متابعتها هندسياً من الأمانة و البلدية قد يقود للكارثة. و البناء الجديد الذي يتفلتُ من الشروط الصحية و الصحيحة هو كارثة. حافلات الطلبة المكدسة و مثلها حافلات النقل العام المتسابقة كوارث محتملة علي الطريق. الاستهتار بالشروط الصحية بالمطاعم كارثة. لا نهايةَ للقائمة و لو بأحدث و أكثر البلاد تطوراً.
لكنني أنظرُ لهذا الموضوع نظرةَ المسطرة فلكي تقيس يجب أن تعرف أن المسطرة مكونة من أرقام منطقية و مقسمة لأجزاء و أنك تنتقل في القياس من الأصغر للأكبر حتى تصلَ للرقم الذي يدلك علي حقيقةِ طول و عرض و ارتفاع ما هو أمامك.
و كذلك قياس الكوارث، أو تصحيحاً، الاستعداد لها، نظرياً و عملياً، من جهات الاختصاص و المواطنين، و الافتراض أن الكارثة واقعةٌ لا مناص حين التهاون في القياس. حين تزاحم و تسابق ناقلةَ وقود في الشارع فالكارثة تنتظر عند الالتفاف القادم. و عندما تبني دون الالتزام بالشروط فالكارثة ستأتي ولو تأخرت. الإشكال الذي أراهُ هو الانتقال في "المسطرة" للقياس دون المراحل المطلوبة. الاهتمام بانهيار بناء يقود لمئات الصور للانهيار و بعده و لكن لا صورةَ لما قاد للانهيار. و قس علي هذا مما نراه ببيوتنا و أحيائنا و شوارعنا.
لا ملامةَ لجهود الدفاع المدني والأمني للإنقاذ حال وقوع الكارثة بل إشادةً و فخاراً. لكن حالة التطور التي نعيشها تتطلب وضع المواطن والمسؤول علي الجانب الصحيح من قياس الكارثة قبل و أثناء حدوثها. هذا هو دور مركز إدارة الأزمات والكوارث الذي من ملاحظتي يضعُ ثِقَلاً علي الجهات الرسمية أكثر مما يضعُ علي المسؤولية المواطنية المدنية وعلاقتها بالكارثة المحتملة الوقوع.
حمى الله الأردن و سكانها و أعانَ كل من يحميها.