الحسين، الشاب .. وربيع الجيش
أمل محي الدين الكردي
12-09-2022 04:59 PM
تعريب الجيش العربي سيخلد ما خلدت الأنفس على هذه الارض، إنه من أقدس ذكريات الاردنيين على أنفسهم
أستيقظ الاردن والعالم من أقصاه الى أقصاه على راديو القدس وهو يلفت الانتباه بين الحين والاخر الى خطاب هام لجلالة الملك حسين بن طلال للشعب والجيش. وفي الساعة السابعة من صباح يوم الجمعة 2 آذار عام 1956م عزف السلام الملكي وتجاوبت بعد ذلك أصداء الكلمة الملكية السامية بحنجرة قوية تحمل بشائر الفرح قال: أيها الضباط والجنود البواسل أحييكم أينما كنتم وحيثما وجدتم ضباطاً وحراساً وجنوداً وبعد، فقد رأينا نفعاً لجيشنا وخدمة لبلادنا ووطننا أن نجري بعض من الأجراءات الضرورية في مناصب الجيش فنفذناها متكلين على الله العلي القدير، ومتوخين مصلحة أمتنا واعلاء كلمتها وأنني آمل فيكم كما هو عهدي بكم النظام والطاعة. وأنت أيها الشعب الوفي هنيئاً لك بجيشك المظفر الذي وهب نفسه في سبيل الوطن ونذر روحه لدفع العاديات عنك مستمداً من تاريخنا روح التضحية والفداء ومترسماً نهج الألى في جعل كلمة الله هي العليا. أن ينصركم فلا غالب لكم والسلام عليكم.
وهكذا وبخطة بارعة حكيمة تحرر الجيش وتعرب وأصبح بأيد عربية مخلصة لطالما تشوق الاحرار الاردنيين لهذا اليوم ليخذ مكانته بين بقية الجيوش العربية المتحررة وليصبح موضع الثقة والاعجاب .
لم تبتهج المملكة إبتهاجاً ولم ترقص فرحة أكثر من فرحها بذاك اليوم الخالد كما سارعت الصحف بتمجيد بطولة الاردنيين وكانت الصحف العربية سباقة لهذا الحدث وكتبت أجمل ما عندها وارتدت عمان أجمل ازهارها في هذا اليوم الآغر من كلمات لامست قلب الوطن .
لم يكد الناس يسمعون في صبيحة ذلك اليوم بالنبأ السار حتى غمرتهم نشوة عارمة من الفرح والابتهاج فكانت العاصمة الاردنية وسائر المدن في المملكة وكأنها يوم الحشر جموع زاخرة تجوب الشوارع كالبحر الصاخب وتتدافع بالمناكب زاحفة الى القصر العامر لتحي الملك الذي أطاح بأخر الاعمدة الاستعمارية وانقذ العرب من شرور كان يبيتها الاستعمار لنا بطرد اخطبوط الاستعمار وتمزقت هذه الصفحة السوداء من تاريخنا .
أحتشدت الجموع الهاتفة في شوارع العاصمة وميادينها ثم زحفت كلها وهي تهتف وتنشد اناشيد الولاء والطاعة للحسين العظيم ... الى قصر بسمان الزاهر حيث أطل جلالته والقى كلمته واقتبس منها :قال ارحب بكم في بيتكم ومحلكم هذا واهنئكم بجيشكم العربي ولقد وفقنا الله والامر له والان لقد شاء ان نطمئن وعلينا جميعاً ايها الاخوان – ان نعمل يداً واحدة وقلباً واحداً في سبيل خدمة هذا البلد وكلنا فداء له.
وفي تصريح خاص لوكالة الانباء العربية اكد الملك حسين ان الظروف التي احاطت بانتهاء خدمات الفريق كلوب لم تكن مفاجئة كما تصورها البعض وانما هي قديمة ومزمنة وقد حاولت مراراً اصلاح الطريق التي كان يسلكها فلم اتمكن وبالتالي وجدت انه لا مناص من انهاء خدماته على الشكل الذي عرفه الناس .(هذا اقتباس من مقابلته) .هذا وتسابقت الصحف العربية والعالمية الى تغطية ما جرى بالاردن حول عزل كلوب فكتبت جريدة _نيويورك هيرالد تربيون _ الامريكية ان عزل كلوب كان ضربة حاسمة لنفوذ البريطانيين الآخذ في الافوال ،ولنفوذ الدول الغربية في الشرق الاوسط بوجه عام .
ونشرت جريدة البرافدا السوفيتية نبأ عزل كلوب بانه انتصار كبير للشعب الاردني في نضاله من اجل التحرر من السيطرة الاجنبية .
وكتبت جريدة التايمس الانكليزية ان اقالة كلوب هي حدث مشؤم لان كلوب كانت تتجسد فيه السيطرة البريطانية القديمة في الشرق الاوسط . هناك مئات الصحف التي غطت الخبر الذي لم يسعني ان انقلها كاملة ولكن نبقى ان نؤكد ان عزل كلوب سجل انهيار أخر اعمدة الحكمة التي كانت تمتلكها بريطانيا في الشرق الاوسط وهذا ما اكدته جريدة لومند الباريسية التي اختتمت مقالها وكتبت واذا كانت دولة صغيرة تعتمد على الغير كالاردن تستطيع ان تعامل الاسد البريطاني بهذه الطريقة فليس من العسير على الانسان ان يرى كيف ان الحادث يشجع محاولات سائر الدول العربية.
لقد حقق المغفور له الملك حسين بن طلال المعجزة وما أشبهها بمغامرات الملوك الشرفاء حين يحققون لبلادهم وافر السيادة والسعادة ولم يعقب هذا الفرح الى يومنا هذا الا الاهازيج بحياة الهاشميين والدعاء للمغفور له جلالة الملك حسين بن طلال رحمه الله ابتهاجاً بالتخلص من اساطين الاستعمار ودهاقينه.
حمى الله الاردن وجيشنا العربي الباسل بظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين الذي ما زال يحمل الرسالة الدافئة لنا من نعمة الامن والآمان وحمى الله لنا أبنائنا في الاجهزة الامنية بجميع اجهزتها وتشكيلاتها المختلفة .