مشاهد قاسية لا بل صادمة تلك التي عرضت على "قناة المملكة" في تحقيقها لاستقصائي حول الضرب والعنف الذي يمارس في المدارس والذي تستخدم بعض المعلمات والمعلمين من أجل تبريره "التقويم السلوكي" والتنمية السلوكية والتطوير التربوي وغيرها من المصطلحات المنمقة من أجل تفريغ كتلة من الأمراض النفسية على الطلبة.
إن ضرب الطلبة، ليس فقط أمراً غير قانوني، وإنما هو امر غير أخلاقي، ولا يجوز تنميق الكلام أو اعتبار المعلم مربياً في هذه الحالة؛ فالتربية المقرونة بإيذاء طفل جسدياً ومعنوياً هي تربية ناقصة .. تربية غير قويمة .. تربية تفتقر إلى الإنسانية!.
المشاهد الصادمة في "تحقيق المملكة" لا بد أن تضع وزارة التربية والتعليم فوراً عند مسؤولياتها بتنفيذ حملات توعوية وإرشادات قانونية بعدم جواز التعرض للطلبة، وكذلك تنفيذ إجراءات إدارية وقانونية رادعة بحق كل شخص تسول له نفسه بالاعتداء جسدياً على أبنائنا الطلبة.
أبنائنا الذين أرسلناهم إلى المدارس للتعلم والتثقف ونهل العلم وليس للضرب والإيذاء النفسي والجسدي القاسي الذي لا يمت للإنسانية بصلة، وإذا كان المعلم – الذي يتمادى بالضرب – على الأطفال حريصاً على التعليم والأخلاق الحميدة؛ فهل يقبل أن تمارس ذات التصرفات على أبنائه وبناته؟!.
التعليم حق لكل أردني، وهو من حقوقه الدستورية، باحترام لإنسانية الطفل وجسده ونفسيته وليس بالضرب والأهانات والتعدي عليه.. ومن هنا على مجلس النواب اليوم أن يتخذ مسؤولياته بإقرار قانون حقوق الطفل أيضاً وعلى وزارة التربية والتعليم اتخاذ إجراءات قانونية بتحويل المعتدين من المعلمين فوراً إلى المدعي العام للسير في الإجراءات القانونية اللازمة في هذا الإطار وبالسرعة المملكة.
وهنا سأشير إلى تحقيق استقصائي نفذته الصحافية الاستقصائية النشيطة حنان خندقجي على شاشة "بي بي سي" حول الضرب في دور الرعاية.. والذي يتضمن مشاهد صادمة أيضاً لا تقل خطورة عن تلك التي تقع في المدارس ! .. تحقيق قناة المملكة "مرعب ومخيف" إذا كان الواقع هكذا كما هو الحال بالنسبة لمراكز الإيواء التي تم الكشف عنها سابقاً.
ومن هنا سأعيد الإشارة إلى النصوص القانونية الواردة في قانون العقوبات والتي أدعو والد كل طفل يتعرض للضرب أن يستند إليها في حال تعرض ابنه للضرب.
• وفقاً للمادة (333) من قانون العقوبات الأردني فإن: " كل من أقدم قصدا على ضرب شخص أو جرحه أو إيذائه بأي فعل مؤثر من وسائل العنف والاعتداء نجم عنه مرض أو تعطيل عن العمل مدة تزيد على عشرين يوما ، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر الى ثلاث سنوات ، ويكون الحد الأدنى للعقوبة سنة إذا استخدم سلاحاً.
• أما الإيذاء البسيط في القانون الاردني، وهو الذي لا يؤدي لتعطل المجني عليه عن العمل لأكثر من عشرة أيام، وهو أبسط أنواع الإيذاء البسيط، وهذا الإيذاء يتطلب شكوى من المجني عليه، وإذا تنازل عنها سقطت تبعاً لها دعوى الحق العام، حيث تنص المادة (334) من قانون العقوبات على أنه "إذا لم ينجم عن الأفعال المبينة في المادة السابقة أي مرض أو تعطيل عن العمل أو نجم عنها مرض أو تعطيل ولكن مدته لم تزد على العشرين يوما عوقب الفاعل بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على مائة دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.. ولا يجوز في هذه الحالة تعقب الدعوى بدون شكوى المتضرر كتابة أو شفهيا وفي هذه الحالة يحق للشاكي أن يتنازل عن شكواه الى أن يكتسب الحكم الدرجة القطعية ، وعندئذ تسقط دعوى الحق العام"، فضلاً عن إمكانية وقوع جريمة الضرب المفضي إلى الموت.
اليوم نحن في أمس الحاجة إلى تفعيل العقوبات لمنع هذا الإجرام في مدارسنا ضد أطفالنا وأجسادهم الغضة.. وللحديث بقية.