سجل انا اردني من 12 محافظة
اشرف الحجاج
11-09-2022 06:49 PM
كادت اردنيتنا بيوم من الايام ان تودي بنا ظنا بأننا نقبل الإهانة ونصمت.
ساعة واحدة كانت تفصلنا عن الحدود الاردنية عائدين نحن ثلاثتنا (اردنيين) لا تربطنا صلة دم الا (اردنيتنا) توقفنا فجرا في محطة وقود للتزود ومددنا ورقة نقد (اردنية) من فئة (الخمسين دينارا) عليها صورة جلالة الملك باللباس (الاردني) البدوي الأغر إلى عامل المحطة الذي قام يتفحصها، ثم بدأ بنفضها بشدة مما أثار استغرابي إذ لا علاقة بين نفض العملة وكشف زيفها فسألته ليجيبني اجابة صادمة بلهجته المحلية فيها من الاساءة ما يكفي لاستثارتنا.
يالوقع وقاحة تلك الإجابة التي اصابتنا بالوجوم؛ بصمت مطبق أخذنا ما تبقى لنا ومضينا لمسافة لا تتجاوز الـ ٣٠٠ متر ثم وقفنا واوقفنا صوت (الهجيني) الذي كنا نستمع إليه بالسيارة وقررنا العودة لنثأر للجرح الذي مزق كرامتنا (الاردنية) او كما يقولون بالعرف القضائي العشائري (شق وجهنا).
وهذا ما جرى تباعا.. عاكسنا السير وعدنا وشاهدناه وهو يضحك على ما فعله بنا نحن (الأردنيين).
أشرت له بالقدوم فقدم واثقا غير آبه مرتكنا إلى أنه على ارضه وبين زملاءه فاستدرجته بابتسامة صفراء وحديث مقتضب فارغ حول اين وكيف؟ ليدلنا.. وما أن اطمئن واسترسل بالشرح حتى اتكئ على باب السيارة بأريحية ليظفر بنا وحده فقمت بتثبيت رأسه بيميني ليباغتوه الشباب بضربه على وجهه حتى تكسر (خشمه) وادميناه حد الرعاف ثم تركناه فسقط وانطلقنا ونحن نشاهده وهو يركض خلفنا هو وبقية عمال المحطة كالمجانين.
طوال ساعة كاملة ونحن نتوقع مفاجأة إما على الطريق او في المركز الحدودي حتى ختمنا جوازات سفرنا وعبرنا لمركز الحدود الاردنية ونحن على اعصابنا لكن تعلونا الأنفة والكرامة لأننا لم نترك ثأرنا خلفنا وهنا (لا بد من التأكيد على عدم تعميم تلك الحالة الفردية على مجتمع كبير عرفنا منه سابقا ولاحقا مئات الرجال الذي ما زلنا نعتز بمعرفتهم).
اليوم يأتي من يستهجن لهجتنا فكيف سيتقبل أنفتنا واردنيتنا الفذة ويقول هذا غباء لأجيب عليه (بل إباء) ولو لم نعود لاستقرت (غصة) للآن في وجداننا.
ثلاثتنا اليوم مخذولين لألف سبب وسبب يعلونا الإحباط ويكتنفنا الخذلان ونحن نستشعر الغربة في وطننا بعد أن تناقض حساب الحقل مع نتاج الحصاد.
وتلك الجملة سالفة الذكر التي قالها عامل المحطة هي تأطير مجازي لقناعة كانت يوما إقليمية توقعت مرارا وتكرارا سقوط هذا البلد الأبي الذي (دافع عنه الأردنيين بالأرواح) وكان ينجو من السقوط بإعجوبة كما نجونا نحن ربما.
ومع ذلك ما زلنا كما نحن (أردنيين شاء من شاء وأبى من أبى) لا ننكر على أحد وطنيته وانتمائه (ولا نريد لأحد أن ينكر علينا اردنيتنا) ولم نتصنع اللهجات ولم نسقط نقطة من ثلاثتنا لنقول تلاتتنا حين نروي تلك الحادثة وما زلنا نشارك بالهجيني ونستمع للقصيد كلما شاشت فينا (اردنيتنا).
نحن عقال هذا الوطن الذي مازال فوق الهامات كبارا وصغارا من كل حدب وصوب مائلا متغاويا بأردنيته منذ مئات السنين ولن يقع بإذن الله مادمنا موجودين.