المزاج السلبي:حقيقة أم انطباع؟
د. فهد الفانك
02-10-2010 04:22 AM
سـواء كان الاقتصاد الأردني ينمو في الوقت الحاضر بمعدل 9ر2% أو 3ر4% بالأسعار الثابتة، فمعنى ذلك عدم وجود تراجع اقتصادي، فالوضع الراهن أفضل مما كان في أية سنة ماضية. قد لا يكون أفضل بكثير، ولكنه بالتأكيد ليس أسوأ، وليس راكداً أو متراجعاً.
إذا كان الأمر كذلك، فلماذا نجد المزاج السلبي سائداً، سواء في الأوساط الحكومية حيث يصف المسؤولون الأوضاع بأنها صعبة، أو في الأوساط الشـعبية التي تعتقد أن الأمور سـيئة، وأن الفقر والبطالة في حالة تفاقـم، والأسعار نار وحتى انخفاض الرقم القياسي لتكاليف المعيشة في العام الماضي بنسبة 7ر0% لم يمنع كثيرين من الشـكوى من (غول الغلاء) وارتفاع الأسعار.
أسـباب عديدة تكمن وراء هـذا المزاج السلبي، بعضها سياسي، فغير الراضين عن السياسة العامة يجدون في النقد الاقتصادي وسيلة معارضة أكثر أماناً. وبعضها نفسي فنحن نسمع عن أزمات تضرب بلداناً غنية، وهناك في الأجواء شيء اسمه الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، فلا بد أن نكون جزءاً من تلك الأزمة.
وهناك النظرة الجزئية، فنحن نحكم على تكاليف المعيشة بالارتفاع، وأنها أصبحت لا تطاق، لمجرد أن سـعر كيلو الخيار تجـاوز الدينار، مع أن الخيار لا يشـكل سوى كسر بسـيط وغير مؤثر في موازنة أية أسـرة أردنية.
الإعلام أسهم أيضاً في نشـر روح التشـاؤم والسوداوية، فبعض الكتـّاب يتبارون في تضخيـم السـلبيات، ليس بقصد علاجها، بل لإثبـات أن الأمور تسير بالاتجـاه الخاطئ، وأنهم يتحلـون بالجرأة ويعرفون ما لا يعرفـه الآخرون.
لا يعني هـذا أن علاج المزاج السلبي ممكن بالأدوات الإعلامية، فمثل هذا المسعى يعطي نتائج عكسية. المطلوب قصص نجاح حقيقية، وتحقيق إنجازات ملموسة يمكن إثباتها بالرقم. خاصة وأن معظم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تعطي قـراءات إيجابية: انظر مثلاً إلى زيادة أعـداد السياح العرب والأجانب القادمين والسياح الأردنيين المغادرين، وتأمل في زيادة الصادرات الوطنية والمستوردات الأجنبية.
في استطلاع للرأي أفاد أكثر المستجيبين أن أوضاعهم الشخصية تحسنت قليلاً أو كثيراً (وهذه حقيقة) ولكن أوضاع الناس إجمالاً في حالة سيئة (وهذا انطباع).
الراي