تتعدد أشكال الفساد ويتلون اصحابها بألوان تخفي ما اقترفته اياديهم وما نطقت به ألسنتهم وما اخفته ضمائرهم وكأنهم غير موجودين أو أن هناك أيادي خفية تتحرك يمنة ويسرة دون أن يراها أحدـ ولذلك تبقى غائبة عن الحساب والعقاب والمساءلة وتبقى الموارد تهدر ونفوس الذين يمارس عليهم الفساد تتعذب وتبقى الواسطات والمحسوبيات والشللية تترعرع كالخراف السمان، ويبقى الحديث يتررد عن الفساد والفاسدون والمفسدون غائبون.
الفاسد يعرف من أين تؤكل الكتف وكيف يخفى فساده ويتظاهر بالنزاهة وينتقد الفساد لاظهار نفسه بصورة مشرقة وليقى بعيدا عن يد العدالة.
الفاسدون في الغالب طرفان متفقان ولكل مصلحته، فهذا يأخذ وذاك يعطي والخاسر هو ادراج الخزينة او مواطن تعرض للظلم والقهر والتأخير فوجد نفسه مضطرا لدفع الرشوة ليدفع عن نفسه البلاء والخسارة الكبرى وما يجري في العطاءات اكبر واشد حنقا وانحطاطا.
يقولون من يملك الدليل على الفساد فليذهب إلى النائب العام ويتقدم بشكوى ويتجاهلون الغضب والأخذ بالثأر والعتاب الجارح والايذاء، ويتناسون ان الفاسد لديه من الدهاء والذكاء ما يخفي جريمته ويطالب بحقه مدعيا انه شهر به ولطخت سمعته.
السلطة هي صاحبة الولاية في صياغة القوانين الزاجرة والرادعة التي لا تترك ثغرات هنا وهناك يدخل من خلالها الفاسدون.
تتبع الثروات وكيف جنيت وإثبات شرعية الدخل والرقابة وحماية المبلغين من الاعتداء أمور لا يمكن تجاوزها او اغفالها.
الأمل منعقد على أن يأتي اليوم الذي يحاسب فيه الفاسدون بعد أحكام القوانين وإغلاق كل منافذ التنصل من المسؤولية.