محو الامية في عصر التحديات "الرقمية" و"الحياتية"
فيصل تايه
08-09-2022 12:52 AM
يحتفل العالم اليوم "باليوم العالمي لمحو الأمية" والذي يأتي والعالم اجمع يمر بأعقد الظروف ، بعد ما فرضته جائحة كورونا على البشرية من تأثيرات كان لها انعكاسات حياتية واقتصادية وصحيه بشكل مباشر ، لذاك علينا اليوم أعاد اظهار مفهوم الأمية بمعناها التقليدي إلى الواجهة ، حيث ان شبح الأمية في "يومها الدولي هذا" أصبح أكثر وطأة وأثقل أثراً ، فالدول التي كانت تعاني من ضعف أنظمة التعليم ، تجرعت قدراً أكبر من صعوبات ذلك ، والدول التي كانت تعاني صراعات داخلية مسلحة وتتعرض شعوبها لموجات تهجير ونزوح داخلي وخارجي تجد نفسها قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى مربع الصفر في محاربة الأمية
لقد كان "للجائحة" أثَّر بشكل سلبي على المتعلمين الذين يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة ، وذلك على الرغم من رغبة هؤلاء باستكمال التعليم ، لذلك كان لزاماً اتخاذ الخطوات الأساسية اللازمة لاستئناف برامج تعليم الكبار ، وضمن الظروف والمستجدات التي تفرضها الحياة المعاصرة ، اضافة الى ضرورة الاستثمار في تدريب معلمي "الكبار" على تقنيات "التعلم عن بُعد" بما في ذلك تقديم الدعم النفسي والفني للمعلم الذي يجب أن يتخصص في هذا النوع من التعليم ، اضافة الى ضرورة تطوير محتويات تعلُّم مرنة وجاذبة، والاستخدام الأمثل للوسائل التقنية قليلة التكلفة للوصول إلى الفئات المهمشة التي تحتاج الى التعلم ، وتفعيل آليات التنسيق مع المجتمع المحلي ومؤسسات المجتمع المدني ، وإعادة التفكير في آليات استقطاب ذوي الحاجة للتعلم وتحفيزهم على متابعة تعلمهم بالطريقة التي ترقى إلى المستوى المطلوب .
انني وانا اتحدث عن هذا الموضوع خاصة ونحن نعيش القرن الواحد والعشرين قرن العلم والمعرفه ، قرن التكنولوجيا والتحديات الرقمية ، نجد أن لا بد من يخرج تفكيرنا من المفهوم التقليدي "للاميه" فبدلاً من إحياء هذا اليوم كما هو كل عام ، يجب التنويه إلى أن الأمية الجديدة هي الأمية الرقمية أو المعلوماتية أو التقنية، ولا بد من التركيز على الجودة والالتفات إلى الشمول في التعليم ، على أن يكون فرصة للجميع يتم تعزيزها مدى الحياة ، حيث ان معنى محو الأمية في عصرنا، ليس مجرد القدرة على القراءة والكتابة، أو حتى مجرد استخدام التكنولوجيا، بل لكي يمحو المرء أميته في القرن الحادي والعشرين يجب أن يكون على استعداد للتعلُّم الدائم والمستمر والتكيف مع العديد من مجالات الحياة والبيئات والمواضيع المختلفة ، والعمل على استخدام طرق التدريس المبتكرة والفعالة ضمن برامج محو الأمية للشباب والبالغين ؟
كما وعلينا إعادة النظر في طرق وأساليب تعلُّم الكبار ، بإضافة المهارات الأساسية المطلوبة لسوق العمل الجديد ، والتي ينبغي أن تُقَدَّم للمتعلمين بما يتناسب مع متطلبات الثورة الرقمية الرابعة وسوق العمل المتسارع والمعتمد على التكنولوجيا، والتغيير في أنماط التعلُّم بما يتناسب مع ذلك ، إضافة لضرورة التحوُّل من محو الأمية إلى مقتضيات منهجية وفلسفة التعلم مدى الحياة ، فضلاً عن توسيع المبادرات المعنية بخدمة تعليم الكبار بما يشمل الإدارة والضبط والحوكمة، والتعاون مع رجال الأعمال للاستثمار في برامج ما بعد القرائية، واستحداث وتطوير هياكل مؤسَّسات وطنية تعنى بتعليم الكبار تتماشى مع مقتضيات العصر وفلسفة التعلُّم مدى الحياة ، مع عدم إغفال الحاجة الملحة إلى سياسات وقوانين جديدة على المستوى الوطني لإدارة والتنسيق مع عصر الرقمنة.
ان الحاجة ملحة الى ضرورة إدماج طرق التدريس المبتكرة والفعّالة ضمن برامج محو الأمية ، إضافة إلى التأكيد على استخدام التكنولوجيات الرقمية والذكاء الاصطناعي والموارد التعليمية المجانية وتشجيع المبادرات المتعلقة بها، لتوسيع الحصول على فرص تعلُّم القراءة والكتابة، وتحسين الجودة، وإنشاء بيئة تعليمية رقمية تساعد على الحفاظ على مهارات محو الأمية المكتسبة وتطويرها.
واخيراً اعود إلى التأكيد اننا لم نعد أمام أمية واحدة وهي الأمية الأبجدية، وإنما أُضيفَت إليها أمية أخرى وهي الأمية الرقمية ، خاصة أنَّ الحاجة تشتد إلى المهارات الرقمية ، ذلك أنَّ اغلب وظائف المستقبل تحتاج إلى المهارات الرقمية .