في وقت أنجزت فيه الدولة خطة تحديث منظومة الإصلاح السياسي، والتحديث الاقتصادي، ووضعت الجهات المعنية خارطة طريق من أجل التنفيذ، بات لزاماً أيضاً، وحتى تكتمل حلقات التحديث والإصلاح التي جاءت بتوجيهات من جلالة الملك وضع خارطة طريق للإصلاح الإداري، خاصة بعد إقرار توصيات لجنة تحديث القطاع العام أو خطة التحديث الإداري.
فالإدارة والحاكمية الرشيدة، هي الأصل في تنفيذ مخرجات الإصلاح السياسي والتحديث الاقتصادي، من خلال إيجاد قطاع إداري فاعل، يتمتع بكفاءة عالية، فخلق، فرص عمل لنحو مليون باحث عن العمل خلال عشر سنوات القادمة، والوصول إلى توفير رقم واحد وأربعين مليار دينار خلال العقد القادم، لا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال إعادة صياغة دور القطاع العام، وقدرته على اتخاذ القرار، وإيجاد شراكة حقيقية وفاعلة مع القطاع الخاص في هذه الجوانب، الأمر الذي يتطلب تطوير الخدمات والتطوير المؤسسي وتطوير التشريعات الناظمة للقطاع العام.
من هنا يجب أن تركز الجهات المعنية في تحديث القطاع العام، على معالجة المعوقات القائمة، والتغلب على التحديات ووضع الخطط التنفيذية سنوياً، وادارة الواقع الإداري بكل جوانبه، وتطوير الخدمات الحكومية ومراعاة مبدأ أن المواطن هو محور اهتمام القطاع العام، والعمل على أن تكون الحكومة وأجهزتها التنفيذية أكثر رشاقة، وإزالة التقاطعات والتداخلات بين الأجهزة الحكومية، من خلال إعادة توزيع الأدوار والمهام، بما يتوافق مع جهود تطوير الأداء المؤسسي، مع أهمية العمل على دمج الوزارات والمؤسسات المتشابهة في الأدوار، وتقليص حجم الهيئات المستقلة، ومع وجود ما يزيد عن مئتين وعشرين ألف موظف خدمة مدنية، لابد من تطوير الكفاءات وإعادة التأهيل لزيادة الاستفادة من كوادر القطاع العام، وتطوير التشريعات الناظمة له، لتتناغم مع رؤية التحديث الإداري مما يحقق نقلة نوعية في أداء القطاع العام.
من الانصاف القول انه لأول مرة يأتي التطوير الإداري على شكل برامج وليس من خلال أحاديث عامة، لم تقم باداء دورها في الفترات السابقة، ولم تتابع، وكل حكومة تأتي تبدأ من الصفر بعيداً عن الالتزام بتنفيذ ما بدأته سابقتها، مع أن العمل الحكومي يجب أن يكون تراكمياً، مما يسرع خطوات الإنجاز والتنفيذ، فوضع أطر واضحة َمؤسسية كفيلة لأن تكون هذه الآلية عابرة للحكومات، مع إلزامية تنفيذ بنودها وخطوات إنجازها وفق البرامج المحددة لذلك.
المطلوب وللاسراع في إنجاز خطوات التنفيذ، تفعيل وتنشيط عمل اللجان المعنية بذلك، والاستعانة بالخبراء والمختصين، وأصحاب التجربة، للوصول إلى نتائج عملية، تجسد مفهوم التطوير الإداري، على أرض الواقع، ليلمس المواطن اثر جهود التحديث والتطوير على الأداء العام من خلال تطوير آليات تقديم الخدمات وتسهيلها وكسر حاجز الروتين الذي يعيق التنفيذ.
(الراي)