فكرة الإذاعة المدرسية أساسا فكرة ابداعية وذات هدف استراتيجي، تهدف إلى صقل شخصية الطالب وتعزيز ثقته بنفسه، ولكن مع الزمن أخذت في كثير من المدارس تأخذ منحى تقليديا أخرجها عن سياقها الصحيح.

فالإذاعة المدرسية منبرا لمرحلة عمرية غضة تحتاج إلى اكتشاف المهارات لدى أصحابها، وتبنيها قبل أن تحيلهم الظروف والبيئة المحيطة بكل منهم إلى قولبة تفكيرهم، إذ لا زالوا في مرحلة الفطرة الحقيقية.

أذكر يوم كان الواحد منا يشارك في الإذاعة الصباحية أمام طابور الصباح يقابل الشمس الساطعة وصحبته خوف وارتباك وإرزيز وعرق، وليس الحال بأحسن أيام البرد القارس، فيقف أمام الميكرفون وثقة الراغب في التخلص من عبء ثقيل.

وأذكر أننا كنا نلجأ لصاحب الشفاعة لنأخذ أقصر حديث من أحاديثه ولطالما كررنا: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا)، ثم نعود إلى مكاننا، نواجه بعدها السخرية من الطلبة، وشح في الدعم والتعزيز من المدرسين، لتشكل لنا عقدة بدل أن تكون حافزا.

كم نحتاج إلى إعادة نظر في دور الإذاعة المدرسية وطريقة تنفيذها، واضعا النقاط التالية كمقترحات لتطويرها، علها تكشف عن مهارات ساكنة وطاقات كامنة لدى الطلبة، فتتغير مسارات الكثيرين منهم:

١. أن تكون مدة الإذاعة حصة كاملة، تقام في مسرح المدرسة أو قاعة مجهزة بدلا من وضعها الحالي، ويحضرها الصف المعني فقط، والمدرسين المعنيين وإدارة المدرسة، وليس كامل المدرسة.

٢. تغيير نمطية الفقرات بالخروج من القوالب الجاهزة والأقوال المنقولة، بحيث تكون نقاشية وتفاعلية.

٣. أن تخصص لها علامة كأي مادة مقررة.

٤.تدريب المعلمين المعنيين على آليات اكتشاف مهارات واهتمامات الطلبة، وكيفية تنميتها.

٥. أن تتم الإشارة في خانة الملاحظات على شهادة الطالب إلى مهارة او مهارات الطالب واهتماماته كالشعر والقصة والخاطرة والكرة والسباحة والموسيقى والخط وجمال الصوت والمهارات الحاسوبية والابداعات المختلفة.

٦. متابعة تنمية هذه المهارات من خلال شهادة رسمية تعطى للطالب في حال الانتقال من صف إلى آخر أو من مدرسة إلى أخرى أو إلى الجامعة.

٧. التدريب على الحوار والنقاش والإقناع والمناظرات .

من خلال تبادل الأدوار وتقمص الشخصيات.

٨. رعاية الإبداع والتفكير الابداعي من خلالها.

٩. تكليف الطلبة بتقديم قراءات نقدية وتحليلية لبعض القضايا العامة والمختارة.

١٠. حسب الإمكانات المادية، لا بأس في أن يكون هناك محطة إذاعية أو قناة تلفزيونية تتبع وزارة التربية والتعليم، بحيث يتم عمل بث مباشر لإذاعات المدارس وفق برنامج يعد لذلك، أو نشر مقتطفات منها و/أو استضافة طلبة في الاستوديو الرئيسي لبناء شخصياتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم ومحاورتهم، وتكليفهم بإدارة الحوارات أيضا.

١١. تكليف لجنة تضم اختصاصيين في مختلف المجالات خاصة في الإعلام والاجتماع وعلم النفس والإدارة وغيرها لوضع تصور لوجه جديد للإذاعة المدرسية.

آملا من الوزارة أخذ هذه الملاحظات بعين الدراسة والتقييم، وأعتقد جازما أن معالي الوزير مدرك لأهميتها وقادر على إحداث التغيير المنشود. والله ولي التوفيق.