المفكر الروسي «الكسندر دوغين» صاحب النظرية السياسية الرابعة، والملقب ب»عقل بوتين «، وتقوم فكرة النظرية على ان القرن العشرين شهد صراعا ما بين الليبرالية والشيوعية، والفاشية.
و الليبرالية بحسب اطروحات دوغين هي الاولى زمنيا والاكثر تكيفا ، وركزت على الفرد. وفيما الشيوعية ولدت ردا على الليبرالية وركزت على الطبقة العاملة، ويرى دوغين انها دوغماية وماتت بسبب الشيخوخة، الفاشية، والتي ولدت في المانيا وايطاليا اجبرت الشعوب بالدخول في مشروع عنصري وركزت على العرق والامة وتفوق الامة والعرق، ويقول دوغين انها ماتت في مهدها بسبب السلوك الانتحاري لزعماء الفاشية.
و يقول ان الليبرالية والشيوعية تحالفتا ضد الفاشية في الحرب العالمية الثانية وبعدها انتصرت الليبرالية على الشيوعية في الحرب الباردة.
و في اطروحة نظريته السياسية الرابعة يقول دوغين : الان جاء دور الليبرالية التي حولت الفرد الى عبد للسوق والاقتصاد ولتفسح المجال لنظرية سياسية رابعة، وتقوم نظرية دوغين على الاعتراف بقيم المجتمعات وتنوعها بعيدا عن المركزية الغربية.
و تكريس سيادة المجتمعات الاوراسية واعادة الفرد الذي سرقته السوق الى الجماعة والروح.
و تكريس التقاليد والتراث والعائلة. و تصفير الاستعمار ونظريات المستعمرة.و لكون الغرب الليبرالي فرض على العالم ثقافة ونمط وطريقة حياة لا تراعي وتحترم الخصوصيات الوطنية.
و يؤمن دوغين بضرورة اقامة نظام عالمي متعدد الاقطاب، ويقوض الاحادية والقطبية الامريكية.
يعتبر ويصنف دوغين في الاوساط الثقافية والاعلامية الغربية الاوروبيةو الامريكية عدوا.
و لدوغين تأثير على الرئيس الروسي بوتين والنخبة السياسية والثقافية والعسكرية الروسية.
و تقف اطروحات دوغين الاستراتجية والسياسية وراء اقدام بوتين على ضم جزيرة القرم عام 2014، واقدامه ايضا على غزو اوكرانيا في شهر شباط الماضي.
و قدم دوغين تحديا نظريا لافكار كبرى في المواجهة مع الغرب وصراعية الشرق والغرب.
و يقول دوغين ان فكرة وقيم الديمقرطية اليبرالية الغربية، وان هوية الديمقراطية الغربية القائمة على الفرد لا تتلاءم وتنسجم مع ثقافات كالروسية والصينية والاسلامية المؤمنة وقائمة على فكرة الجماعة « المجموع «، عكس الفرد.
اطروحة دوغين تعني في صراعيتها الحضارية تراجع وانحسار الليبرالية الغربية، وانتاج نظريات سياسية بديلة عن المشروع السياسي والفكري الليبرالي الذي عم العالم ونشر ثقافة الاستهلاك الغربي، واقتحم الثقافات المحلية وتدخل في الاقتصاد و التعليم والسينما والفن وفرض نمطا ثقافيا في شكل الحياة واسلوبها على الطريقة الغربية.
قبل اسابيع اغتيلت ابنة دوغين في تفجير استهدف سياراتها، ووجهت الاتهامات الروسية لاوكرانيا. وبحسب وكالات اعلامية روسية فان الاغتيال ضل طريقه، وكان يستهدف دوغين سخصيا، او انه كان يستهدفهما معا.
ومن الواضح ان واقعة الاغتيال والجهة المدبرة والتي تقف وراء العملية تبعث برسالة مشفرة الى عقل بوتين السياسي، وان دولا واجهزة استخبارات معادية لروسيا وسياسة بوتين تقف وراء اغتيال ابنة دوغين، وان المحاولة كان ممكن ان تصفي وتستهدف جسديا « دوغين « عقل بوتين السياسي، وتخسر روسيا الاوراسية فيلسوفها ومفكرها الملهم والمنجز لمشروعها الحضاري والسياسي الكبير.
استهداف نخب سياسية وفكرية بالاغتيال والتصفية ليس غريبا عن اجهزة الاستخبارات الغربية، بل هو نهج، وفي سجلات الغرب ومؤسساته الاستخباراتية و الامنية كثير من الجرائم وعمليات اغتيال استهدفت ساسة ومفكرين معادين ومناهضين للمشروع والمصالح الغربية، وقيدت ضد مجهول.
اكتب هذه السطور عن دوغين، والكلام عن نطريته الرابعة واطروجته الاستراتجية والجيوسياسية تحتاج الى متسع اوفر من الكتابة.. لاسدال التعريف بفيلسوف ومفكر روسي اسس لنظرية رابعة تقوض الاحادية والقطبية الامريكية، وتعلن احتضار الليبرالية الغربية ودخولها غرفة الانعاش.
نبوءات دوغين السياسية ترسم خرائط ومسارات للعالم الجديد خغرافيا وسياسيا، وعالم ما بعد اوكرانيا. وانصح مراكز الدراسات والابحاث الاردنية ان تنشغل ولو قليلا في اطروحات دوغين الجيوسياسية واستشراف المستقبل الكوني بدلا عن الانجرار وراء تقارير ووصايا مراكز التمويل الامريكية والاوروبية.
(الدستور)