تفاجأت به وانا أعبر الشارع، وكان يحاول الحصول على "رضى المسؤول" بشتى الطرق.
مرة سمعته يخاطبه: "معاليك" ومرة : "عطوفتك" ومرة "سيادتك" الى آخر الألقاب التي فاضت بحياتنا وصارت "عبئا" على كثيرين.
المهم أن "عامل الوطن" المسكين، كان يحاول التحدث مع "مسؤوله" بشكل يتجاوز ما هو انساني، كلمات يغمرها الخوف والرجاء وطلب العفو والتودد بطريقة مبالغ فيها.
كان ثمة حوار غير عادي ولا يحتمل كل هذا الضعف والوهن والاستجداء.
كل هذا من أجل تجاوز مشكلة صغيرة، ربما كانت "وشاية" او "سوء فهم" او "سوء تقدير"..
"عامل الوطن" الذي صادفته، كان يعمل في ظل ارتفاع غير عادي لدرجة الحرارة، وكان "العرق" يارب على وجهه وهو يؤدي عمله بكل اخلاص.
لكن ذلك كله لا يعفيه من مشاكل خارج إرادته، رغم محدودية مساحة عمله وبالتأكيد مع أهمية ما يقوم به في جمع نفاياتنا ومخلفاتنا، لتبقى أحياؤنا بأحسن حال.
لا أخفيكم مشاعر الغضب التي تنتابني وانا أنصت إليه وهو يتحدث عبر الهاتف مع شخص واضح انه "مسؤول" عنه.
وكدتُ اصرخ على طريقة "ارخميدس" واستحضرتُ مقولة عمر الفاروق عن حرية الإنسان و "ومتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" .. إلى آخر المبادىء الإنسانية.
تأثرت بحزن الرجل والحاحه على الخروج من حالة القهر والعجز التي عاشها ولو للحظات.
لا ادري، هل كان الطرف الآخر "يستمرىء "رجاء عامل الوطن" وربما كان سعيدا بالمزيد من الألقاب والأوصاف التي اغدقها عليه العامل المسكين.
ما ملّيتوا من الألقاب "الفضفاضة"، وهل نسيتم أنكم في النهاية "كائنات بشرية" وكلنا "أولاد تسعة" ؟.