بعد انتهائي من استقراء ( بحذر ) لكتاب جديد يحمل عنوان (جيش الظل ) مؤلفه د. هيلل كوهين والذي تحدث بإسهاب عن دور عملاء الصهيونية في الفترة الواقعة بين العام 1917 وحتى النكبة عام 1948.
وللتنويه فقط، نشدد في هذا السياق علي ان المؤلف صهيوني وباحث في الجامعة العبرية وبالتالي فان الكتاب جاء ليعزز الرواية الاسرائيلية باحتلال الاراضي الفلسطينية وهذا ليس عليهم بجديد ولكن الجديد ان هذا الكتاب وما تضمنه من معلومات بمثابة تسليح و تزييف للوعي وقتل لروح المقاومة المرهقة .....
يجب التوقف عند هذا الكتاب والمعلومات التي وردت فيه وعدم الاكتفاء بدحض ما جاء فيه بصورة عاطفية، اعتقد انه من منطلق المسؤولية الوطنية يجب التعامل مع الكتاب بنظرة علمية وعملية والرد عليه باسرع وقت ممكن .....
حيث يقول ان الاف الفلسطينيين كانوا وما زالوا عملاء للحركة الصهيونية منذ بداية القرن العشرين، منهم سماسرة الارض وعملاء سريون، تجار اسلحة ومنفذو عمليات قتل مدفوعة الاجر ( مرتزقة)، سياسيون رفيعو المستوي، قرويون عاديون، قيادات عمالية ومحاربون واخرون، ويخلص الكاتب الى القول ان هؤلاء كانوا الطبق الذهبي الذي قامت عليه الدولة العبرية، فنشاطاتهم كان لها تاثير مركزي على مقدرة اسرائيل العسكرية والمخابراتية، وعلى خريطة الاستيطان وعلى ترسيم حدود الدولة اليهودية، ويضيف المؤلف انه عندما بدات الحرب المصيرية في العام 1948 كان الفلسطينيون متشرذمين ولا رغبة لديهم في القتال، وعليه جاءت الضربة الاسرائيلية القاصمة، النكبة.
يزعم المؤلف ـ بان الكتاب يعتمد علي الاف الوثائق التي ما زالت حتى يومنا هذا سرية للغاية......
علي اية حال، المثير في الكتاب انه يورد اسماء عشرات العائلات الفلسطينية من سكان فلسطين التاريخية، الذين تعاملوا مع الحركة الصهيونية وقدموا لها الخدمات المختلفة من بيع الاراضي وحتى التآمر علي ابناء شعبهم.
لا نريد في هذا السياق ان نورد اسماء العائلات والاشخاص والشخصيات الذين وردت اسماؤهم وافعالهم في الكتاب، لاننا اذا قمنا بذلك سنخدم من حيث لا ندري الرواية الاسرائيلية الرسمية حول ما حدث.
أعتقد أن مراكز الابحاث الفلسطينية والباحثين المتخصصين امام مسؤولية معاينة الكتاب وتحليل مضامينه والرد عليه باسرع وقت ممكن لان الاسرائيليين سيقومون بترجمته الي لغات عديدة ومنها العربية ايضا ......
بصراحة ومسؤولية اقول انه لا يكفي ان نقول بان الكتاب هو كتاب صهيوني لمؤلف مستشرق يحاول الطعن والتشهير والتجريح والاحراج، لا يكفي ان نتجاهل الكتاب او نصادره من الأسواق او نكتفي بانكاره لنعفي انفسنا من الرد عليه بحجة ان لا نساهم بإنتشاره او حرصا على العلاقة مع احفاد العملاء وعدم احراج عائلاتهم !!! وانني هنا اعتقد ان الأولى بالحماية والرعاية هم الأبرياء الذين دس بأسمائهم ضمن قائمة جواسيس و أعتقد كذلك بأن معظم العائلات التي تورط ابنائهم بالعمالة تبرؤا منهم ورفضوا استلام جثة من نفق منهم ...وبالتالي اجد ان دعم وتعظيم موقف وتصرف هذه العائلات من خيانة ( ابنائها ) يؤدي الى دفع اي من العائلات الأخرى للاقتداء بها لا أن تنبري عائلت الخائن للدفاع عن الخائن من اجل سمعة وشرف العائلة !!! وفي سبيل ذلك ومن اجله علينا دعوة المتخصصين و اشدد هنا على ( المتخصصين ) من أجل التصدي بالبحث والتنقيب وثائق تلك المرحلة و اتخاذ من المنهج العلمي سبيلا للرد على هذا الكتاب وتفنيد الاتهامات الواردة به ودعمهم ماديا وتسهيل بحثهم وكل ما يحتاجه البحث من دعم .
واذا تبين ان عائلة فلان او عائلة علان قامت فعلا ببيع الاراضي أو تورطت عائلات بخدمات مختلفة للحركة الصهيونية، الا نتورع عن فضح هذه العائلات والقيادات القليلة جدا والتي اضحت خيانتها حقيقة ثابتة في وجدان الاجيال وان محاولة تبرئتهم هو بمثابة تضحية بالشرفاء من اجل الدفاع عن الشيطان ..
فلا يستقيم انزال المجرم والبريء منزلة واحدة ودفاع واحد ....
وعلى طريقة محامي مخضرم احترف الدفاع الاستراتيجي بكفاءة ومنهج واضح يقود الى النتيجة المأمولة من الدفاع .
اذ يلتزم الدفاع بحدود الاتهام فلا يجاوزه إلا تطلب الدفاع ذلك .... ومن ثم يتناول كل واقعة في الكتاب على حدا والرد على لائحة الاتهام ودحض تلك الوقائع والوثائق المزعومة بدليل يساوي ادلة الاتهام او يفوقها قوة وحجة ..
واعتقد ان الرد على هذا الكتاب شكل فرصة للحديث عن تلك المرحلة واعادة تقديمها للمواطن العربي عموما والفلسطيني خصوصا حتى تتساقط مزاعمه وتتبدد أحلامه وترتد عليه مكيدته ..
ان مثل هذه الكتب هو بمثابة امداد بالسلاح والذخيرة لطرفي حرب اهلية وهو اذكاء لنار فتنة واحقاد بين العرب و امداد المطبعين والسماسرة بخطاب هجومي على منتقديهم ودعمهم بالمبررات و المادة الاعلامية اللازمة لأي عدو يسعى للنيل من عدوه ..