تحديث المنظومة السياسية وما يمكن تداركه
د. اسامة تليلان
30-08-2022 05:38 PM
يخلو كل من قانون انتخاب وقانون أحزاب من معايير أو نصوص لتشكيل القوائم الانتخابية، إذ باستثناء ترتيب موقع المرأة والشباب في القائمة لم ترد معايير أخرى التي من أهمها على الإطلاق آلية تشكيل القوائم أو نظام تشكيل القائمة.
بمعنى، على أي الأسس سيتم اختيار الأعضاء لقائمة الحزب للانتخابات، وكيف ستتم عملية ترتيب الأعضاء داخل القائمة، وعملية الترتيب قضية في غاية الأهمية وقد تفوق أهمية الاختيار، ومن هي الجهة المخولة داخل الحزب بهذا الإجراء.
في الواقع هناك طرق أو أنماط لتشكيل القوائم، بعضها ديمقراطي وبعضها الآخر دكتاتوري، ولكل طريق دلالات ونتائج، وبعض الدول تنص في قوانينها على آلية تشكيل القوائم مثل المانيا التي يشترط قانون الأحزاب فيها على الأحزاب السياسية تشكيل قوائم المرشحين عبر الاقتراع السري، وبعض الأحزاب تعتمد أسلوب الانتخابات التمهيدية مع وجود ضوابط أخرى لتشكيل قائمة المرشحين وهذا معمول في العديد من التجارب ومنها اسرائيل.
الطرق أو الأنماط الديمقراطية متعددة لكنها تخضع إلى ضوابط معلنة ومنصوص عليها وأكثرها شيوعاً تتمثل في إجراء انتخابات تمهيدية من قبل القاعدة العضوية العامة للحزب لاختيار المرشحين ومن ثم يتم ترتيب الفائزين حسب عدد الأصوات التي حصلوا عليها تصاعدياً داخل القائمة، أو أن تقوم القاعدة العضوية بالتصويت عبر آلية واضحة أو عبر استفتاء عام بتفويض هيئة بعينها بعملية الاختيار وترتيب المرشحين داخل قائمة الحزب.
أما الطرق الأخرى وأكثرها شيوعاً، فهي أن يتولى الأمين العام والهيئة العليا للحزب مهمة تحديد من هم مرشحي الحزب، وهذه صورة دارجة في ممارسات الأحزاب العربية، وإذا كان الأمر كذلك ولم يكن منصوصاً عليه بكافة تفاصيله بشكل مسبق في النظام الداخلي، أصبحت هذه طريقة تخلو من أي إجراء ديمقراطي، إن لم نقل تحمل الكثير من الأساليب الدكتاتورية التي لا تنسجم مع كون الأحزاب تشكل آلية ديمقراطية.
في الدول أو الحالات التي لم تخصص مقاعد للأحزاب في برلماناتها يمكن تجاوز فكرة وجود نظام لتشكيل القوائم رغم فداحة الخطأ، على اعتبار أن المسؤولية في ذلك تقع على عاتق المنضمين إلى هذه الأحزاب.
لكن عندما تكون هناك مقاعد مخصصة للأحزاب بموجب قانون الانتخاب، مثلما هو حاصل لدينا، يصبح من حق جميع أعضاء الحزب أن يحصلوا على فرص متساوية في التنافس على ترشحهم وعلى ترتيبهم في القائمة.
ويصبح من الإلزام وجود نظام عام لتشكيل القوائم أو وجود نصوص واضحة لذلك في النظام الأساسي للأحزاب، وإذا لم يتضمن النظام الأساسي للحزب آلية ديمقراطية منصوصا عليها لتشكيل القائمة ينبغي أن يفقد حقه في المنافسة على المقاعد المخصصة للأحزاب، وإلا أصبح الأمر أشبه بمنح مجموعة أفراد صغيرة من المتنفذين الحزبيين، حق توزيع ثلث مقاعد المجلس على من يرغبون، وهذا ما ينبغي تداركه.