على مدار يومين رابط الصحافيون على الجسر لتأمين تغطية مميزة لوصول السجناء الأردنيين وتسجيل اللحظة الفريدة للقاء العائدين بالأهل والأحبّة بعد طول انتظار. وعلى مدار يومين استنفرت السلطات والأمن وجهاز وزارة الخارجية إمكاناتهم لترتيب العبور والاستقبال ولحضور الصحافيين والإعلاميين وحشد الأهالي والمستقبلين. كل ذلك تمّ والحمدلله على أفضل وجه، لكن ما نقله لي الزملاء الصحافيون عن بعض ما جرى هناك استفزّني حقا وهو بالطبع استفز الصحافيين الموجودين، وقد بقيت الأمور تحت السيطرة -كما روى الصحافيون- بفضل موظفي الخارجية وضبّاط الشرطة الذين تحملوا ما هو فوق حدود الاحتمال محتفظين بالهدوء واللطف طول الوقت.
كان هنالك أكثر من أربعمائة شخص يتدافعون الى صالة لا تتسع كحدّ أقصى لأكثر من 200 شخص وصادف وصول باص السجناء الأردنيين إلى نقطة الاستقبال مع مجيء باص لبعض الأهالي، فجرى توقيف الثاني واعطاء الأولية للأول، ثم جرى وضع العجلوني وزملائه في صالة أخرى وتمرير الناس بالدور للسلام على الأبطال العائدين. ومع كل اجراء منطقي وضروري ومفهوم أمنيا ولوجستيا كان يخرج صوت ما للاحتجاج وتوجيه الإهانات من دون مبرر. وبلغ الأمر الذروة مع استباق قريب من أحد السجناء الصحافيين ليطلب مقاطعة الزميلة الرأي مع سيل من الشتائم التي اثارت احتجاج وغضب الصحافيين جميعا، لكن كان هناك مسؤولو وزارة الخارجية وضبّاط الأمن العام لتهدئة الصحافيين.. "امسحوها بها للحية.. حقكّوا علينا.. الخ".
أتيح لجميع وسائل الإعلام وقنوات التلفزة الحضور والمشاركة دون استثناء، أما عند نقطة العبور على الجسر فتم إعطاء الحق الحصري للوصول الى هناك وأخذ اللقطات للتلفزيون الأردني وقناة العربية وكذلك أخذ مقابلة مع السجناء، لكن الجزيرة اعتبرت نفسها ضحيّة ومستهدفة بالمنع.
الاستفزازات غير المبررة تمثل حالة فردية بالطبع، لكن كما هو معروف يمكن لفرد أن يفسد عرسا كاملا، وما حدث على الجسر يشبه ما حدث للحكومة مع بعض أوساط المعارضة فقد أثمرت جهود سنوات من العمل المضني وتحمّل الصلف والعجرفة اليهودية اجتراح هذا الإنجاز ليخرج البعض لمهاجمة هذا الجهد والتشهير بالحكومة كما لو أنها ارتكبت إثما! طيّب.. لنسأل اهالي المعتقلين والمعتقلين أنفسهم أن يختاروا بين قضاء 80 سنة أخرى في سجون الاحتلال أو قضاء 18 شهرا قابلة للنزول في السجون الأردنية.
jamil.nimri@alghad.jo