هل المرحلة القادمة تتطلب البقاء خارج مجلس النواب؟
د. عامر السبايلة
28-09-2010 04:51 AM
في خضم مشهد سياسي متسارع واستحقاقات بدأت تلوح في الأفق و ديناميكية مشهد سياسي غائم باتت غيومه على وشك المرور بالمنطقة, فان ترتيب البيت الداخلي في هذه المرحلة لا بد له أن يكون أول أولوياتنا.
فمنذ لحظة اقرار قانون الانتخابات والخيبة تسيطر على نفوس الاصلاحيين الذين كانوا يمنون النفس بقانون انتخاب عصري يعبر عن مطالبهم ويصل الى سقف طموحاتهم. بعدها بدأ المشهد يشير الى تحزب كثير من الشخصيات الوطنية - طواعية ودون تخطيط - ضمن حزب الهموم الوطنية والرغبة الحقيقية بالاصلاح.
وبعد فترة التشنجات السياسة التي سادت ومحاولات التهدئة حملت بعض توقعات المتفائلين بارقة أمل بأن الانفتاح الذي كنا جميعاً نأمل به سيستمر و يأخذ طريقه الطبيعي و أن التقاط الحكومة لبعض الرسائل من دائرة صنع القرار كانت ستحظى باهتمام كبير و يتم ترجمة التصورات الى تطبيقات.
الا أن المشهد السياسي لازال متلبداً و في ظل غياب المعلومة الحقيقية و اختفاء أسلوب المصارحة فان الشائعات و الأقاويل هي التي تتصدر مجالس الأخبار و الحديث عن حلول قادمة و تغيرات هيكلية مقبلة بات يسيطر على أحاديث العامة و الخاصة.
على صعيد اخر الاستحقاق الانتخابي بات يقترب و الحكومة بات همها الأول و الأخير انجاح الانتخابات بالرغم من كل المصاعب و العثرات. والأخوان المسلمون لازالوا خارج المشهد الانتخابي و عدم جدوى المشاركة يفسره الأخوان بأن المرحلة القادمة تحتاج الى الشارع و العمل الشعبي و كأن القناعات تقول ان دخول المجلس النيابي ضمن التوليفة القادمة لن يكون الا تكبيلاً للشخوص و اذعاناُ لسياسات و تمريراً لقرارات تتنافى مع سياسات الحزب. و هذا بحد ذاته يتضمن رسائل خطيرة لا يمكن استشراقها بسهولة و الوقوف عليها دون تحليل.
المشهد السياسي الأردني شهد قبل يومين حدثاً لا يمكن المرور عنه دون تفكر و تحليل. فالجموع التي أمت منزل رئيس مجلس النواب السابق عبدالهادي المجالي للالحاح عليه بطلب الرجوع عن قرار عدم ترشيح نفسه يشكل بحد ذاته سابقة لما يحمل هذا الحدث من مضامين و رسائل.
قرار "الباشا" بعدم الترشح هو و بلا شك قرار يدرك الجميع بأنه قرار ذا أبعاد متعددة. فبعيداً عن الشعارات و التبريرات و التحليلات المعدة للنشر يدرك الجميع أن غياب المجالي عن المجلس يلبي رغبات البعض و خصوصاُ أولئك الذين يحلمون بالجلوس على الكرسي الذي اعتلاه لتسعة سنين خلت. و عليه فاذا كان هذا القرا يلبي رغبات البعض فانه و بلا شك يتعارض مع رغبة كثيرين اخرين من أنصاره الذين حشدوا نفسهم ليرسلوا رسائلهم علناً و بأسلةب التصريح لا التلميح.
نحن لا ننكر أن الباشا و كما أكد هو شخصياً سيكون حاضراً في المجلس عن طريق نواب حزب التيار, الا أنه يؤكد أن المرحلة القادمة هي مرحلة سياسية مختلفة بنوعيتها, حيث يكون وجوده خارج المجلس أكثر فعالية و قوة.
هذا كله يشير الا أن قراءات المجالي للمرحلة القادمة تختلف, و أن أجندته السياسية ستحمل سيناريوهات جديدة, فعندما يصرح رجل بحجم المجالي -الذي كان دائماً و أبداً مفصل مهم من مفاصل الدولة و السياسة الأردنية- بهذا, فهذا يعني أن نسأل أنفسنا ان كان هناك سيناريوهات قادمة تتطلب من بعض الشخوص و القوى التحرر من قيود مجلس النواب لتواجهها.
على نقيض سياسة و فكر المجالي كان الأخوان المسلمون, و مع ذلك فبالرغم من تناقض الفكر السياسي الا أن المواقف تتشابه. الأخوان المسلمون مواقفهم و دورهم كان دائماً يدور في فلك الدولة و كذلك كان المجالي, الا أن الطرفين اليوم يؤمنون بجدوى البقاء خارج المجلس لمواجهة الاستحقاقات القادمة, اذاً ألا يحق لنا أن نسأل اليوم يا ترى عن ماذا يحمل المستقبل القريب.
ولعلنا نمني أنفسنا اليوم و في هذا الوقت العصيب أن تبقي الدولة على كل أبنائها في كنفها, و يبقوا يدورون في فلكها. فتواجد الجميع على مسرح السياسة الأردنية اليوم هو ضرورة وطنية, فبالرغم من اختلافات التوجهات يبقى ضرورة أن تستوعب الدولة أبناؤها و تحتضنهم الحصانة الأمثل للجميع.
http://amersabaileh.blogpost.com