في اجتماع ترأسه د عزمي محافظة رئيس المجلس الأعلى لتطوير المناهج، بحضور مجموعة واسعة من المهتمين بالفلسفة وأساتذتها الجامعيين، ناقش المجتمعون عددًا من الأفكار والمتطلبات اللازمة لإنجاح قرار عودة الفلسفة إلى مناهجنا، وتأثيرها المحتمل على تفكير الأجيال الجديدة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.
ليس من السهل تسجيل غِنى هذه الجلسة، لكن يمكنني أن أورد بعض الأفكار والجوّ الذي ساد النقاش:
1- ناقش الاجتماع عرضًا لتاريخ الفلسفة في الأردن، والعوامل التي رافقتها، والتجارب التي مرت بها منذ سنة 1966 وحتى سنة 1992 إلى أن تقلصت إلى وحدتين معادِيتين للفلسفة في كتاب الثقافة العامة، وإلغاء الكتاب سنة 2016 بعد نقد تعرض له هذا الكتاب.
2- عبر الجميع عن ارتياحهم لقرار عودة الفلسفة، وربطوا فعالية التدريس بعدد من القضايا مثل: الأبعاد التربوية لكتب الفلسفة، والمحتوى المرتبط بحاجات الطلبة، حيث تكون المادة جاذبة، وممتعة ومثيرة لتفكير الطلبة، ونموذجًا إيجابيّا تحتويه الكتب الأخرى في تنمية مهارات التحليل والشك، واستخدام العقل، والدليل والبرهان، وعدم الانسياق وراء الأفكار الذائعة دون فحصها.
3- شعر المجتمعون بضغط الوقت، وضرورةالتحرك السريع، والبدء في الخطوات العاجلة مثل: إعداد أدلة تعليم الفلسفة للأطفال والشباب، واستراتيجيات تدريس الفلسفة، ودليل إدماج المفاهيم الفلسفية في الكتب، وبرامج إعداد معلمي الفلسفة، وتأليف الكتب، وتدريب المؤلفين أنفسهم.
4- الاطلاع على برامج تدريس الفلسفة في الدول العربية، والإفادة من إيجابيات هذه البرامج وتجنب مزالقها.
كما برز توجّه عام لتولي المركز الوطني للمناهج بتشكيل فريق وطني لتدريس الفلسفة، يقود عمليات تدريس الفلسفة عبر مراحلها. وتم الاتفاق على مواصلة الاجتماعات والتشاور المستمر مع مختلف الجهات؛ لضمان توفير بيئة آمنة لتعلم الفلسفة وتعليمها.
وبصفتي مراقبا، رأيت في الاجتماع جدّية أصحاب القرار في اتخاذ الخطوات اللازمة؛ لإنتاج كتب فلسفية جاذبة، وممتعة ومرتبطة بأنشطة ومشكلات حياتية أقرب للوجود والفيزياء من الميتافيزياء، وكان واضحًا من جوّ الاجتماع أن رئيس المجلس الأعلى للمناهج يريد التركيز على فكرتين أساسيتين وهما:
الأولى؛ هي تعلم الفلسفة وليس تعليمها، والفكرة الأخرى مرتبطة بالأولى وهي أننا نعلم الطلبة، وليس مجرد نعلم الفلسفة، وهاتان الفكرتان برأيي قمة النضج التربوي، وربما ستكونان مُلهِمتين لتطوير الكتب في المواد الأخرى!
والمجتمع ينتظر فلسفة عملية، تُحدث فرقًا في عقول الطلبة، وتحمي المجتمع من ضلالات المُغالَطات والمُغالِطين.
وتحيّة لمن أعاد الفلسفة إلى مجتمعنا، لا إلى نظامنا التعليميّ فحسب!!