اللويبدة .. مجلة أعدت بمزاج
باتر محمد وردم
07-07-2007 03:00 AM
أتعمد عدم التعليق والإشادة بالمطبوعات في عددها الأول ، فهذا العدد يكون دائما ناجحا لأنه يتضمن أفضل جهود للمحررين والمخرجين وفريق التسويق والتي قد تتطلب أشهر لإعدادها.
الإمتحان الحقيقي للمطبوعة يكون دائما في العدد الثاني وما يليه وهذا ما نجح به فريق مجلة "اللويبدة" بقيادة الأستاذ باسم سكجها بمنتهى التفوق فجاء العدد الثاني أفضل من الأول مما يعكس حالة من الاستمرارية والتطور في الإبداع. ما شدني في مجلة اللويبدة ليس فقط الحجم المتميز ، والإخراج الحديث فقط بل أن هذه المجلة تتجاوز الوطأة السياسية الثقيلة ولا تركز على المواد الترويجية السطحية بل يوجد فيها عمق إنساني وثقافي قليل الوجود في الإعلام الأردني والعربي.
وبالإضافة إلى ذلك فإن النصوص في المجلة أعدت بإتقان وعناية وتركيز ، وكذلك الصور والإخراج وهذا من فوائد المجلات الشهرية التي تخرج من نطاق المتابعات اللاهثة للحدث وتدفق المعلومات اليومي والذي يجبر الإعلامي والكاتب على إعداد نصوص سريعة في السباق اليومي مع الزمن.
في اللويبدة نجد مقالات ونصوصا ذات طابع أدبي نحس وكأنها قد أعدت بمنتهى الهدوء والتركيز. وفي عبق روائح القهوة والأجواء العمانية جاءت المقالات عميقة وممتعة وتقدم صورة رائعة عن حقيقة الحالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في عمان وتركز دائما على هوية المدينة.
في العدد الأخير تأثرت كثيرا بقصة ابو عادل الذي جاء مع عائلته إلى عمان ليزرع أرضا مهجورة بعرقه ولكنه أضطر للرحيل بسبب إجراءات تنظيمية تريد الحد مما تسميه "صور غير حضارية" ، وتابعت باهتمام تفاصيل الخلاف بين أمانة عمان وشركة طلال ابو غزالة واستمتعنا بصور عمر العبداللات وإنجيلينا جولي معا والعديد من المقابلات الاستثنائية في طبيعتها ، وننتظر المزيد في الأعداد القادمة. يبقى هناك التحدي الرئيسي لنجاح اية مجلة أردنية هو التحدي الاقتصادي. هناك جهد كبير يبذل في الإخراج والطباعة والمادة التحريرية وهذا كله يتطلب استدامة الموارد المالية.
أتقدم هنا بالدعوة إلى الأستاذ باسم سكجها بالتوقف عن إهداء الزملاء الإعلاميين أعدادا من المجلة لأننا يفترض كزملاء أن تكون أول من يدعمه في شراء المجلة من المكتبات وهذا يعني الحاجة إلى تجاوز المجاملات الاجتماعية التي يدفع ثمنها الزميل الناشر. ولكن الشراء ليس هو العامل الرئيسي للصمود بل الإعلانات والتي نسعد أننا نرى بعضها في المجلة ولكن هناك الحاجة إلى المزيد ، فهذه المجلة تحمل فكرا وثقافة ومضمونا راقيا وليست مجموعة إعلانات تصدر حسب التساهيل تحت اسم مجلة كما في بعض المطبوعات الأخرى.
اللويبدة يجب أن تكون موعد كل عماني مع قراءة مستمتعة في أول الشهر ، واستمرارها هدف لنا جميعا كإعلاميين لأنها مشروع وطني وليست مشروعا خاصا للزميل سكجها فنحن في الأردن في حاجة ماسة إلى مجلة شهرية باللغة العربية تعكس الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يتجاوز الجمود السياسي ونجاح اللويبدة هنا نجاح للإعلام الأردني كله.
batir@nets.jo