تقوم اسرائيل بضم الضفة الغربية عبر تنفيذ صيغة مواطنة لابنائها تحقق لهم الاهلية المدنية دون السياسية التي ستبقى تخضع للاطار الفلسطيني الناظم لابناء الضفة الغربية وبهذا تكون اسرائيل قد هضمت جغرافية الضفة الغربية وثبتت حدودها الشرقية مع الاردن بضمها للضفة الغربية عبر تفاهمات اجرائية تسهل على الفلسطينيين اجراءات السفر لكن جعلتهم يخضعون للسيادة الاسرائيلية عبر رمزية مطار رامون السياسية.
وهو ما يقطع الطريق على السلطة الفلسطينية باستخدام مطار القدس ذو الرمزية السياسية / السيادية ويوقف عملية استخدام معابر الجسور الواصلة بين ابناء الضفتين عبر مصوغ عمق الامتداد الطبيعي للضفة الغربية في حاضنتها بالضفة الشرقية ويجعل من الاردن يخرج خارج الحدود السياسية التي تم ترسيمها عبر اعطاء الفلسطينيين صيغة مواطنة اهلية اسرائيلية وهو ما يجعل من منفذ رامون الحدودي يشكل مدخل للحل الاجرائي لكنه يشكل عنوان لقضية سياسية عميقه يدخل فيها الاردن طرف هذه المرة وليس الفلسطينيين وحدهم.
فان خروج الاردن من الضفة الغربية باغلاق الجسور الرمزية الواصلة بين ضفتيه يعتبر اختراق للسيادة الاردنية كما للقانون الدولي كما ان عملية ترسيم الحدود الاردنية الاسرائيلية في خاصرة من الضفة الغربية من المفترض ان لا تتم بموجب تفاهمات امنية تقوم على قرارات احادية هذا لان الضفة الغربية بالقانون الدولي هي جزء من الاراضي الاردنية المحتلة عام 1967 لاسيما وان الاردن تم الاعتراف بكامل عضويته في الامم المتحدة عام 1955 عندما كانت جغرافيته السياسية ممتدة من القدس غربا حتى روشيد شرقا وهو ما يعد انتهاك للقانون الدولي كما للدستور الاردني.
الامر الذي يجعل من اسقاطات الحلول الامنية التي يتم تنفيذها هي اسقاطات غير مفيدة للسلم الاهلي والسلام الاقليمي المنشود باعتبارها تشكل عقدة سياسية جديدة في حلم قيام الدولة كونها تنهي أمال ادخال الضفة الغربية في مشروع حل الدولتين وان كانت تبقيه في جانب غزة وكما تقطع عودة الضفة الغربية لحاضنتها الشرقية ضمن مصوغات فيدرالية مع الاردن.
صحيح ان برنامج رامون يسهل على ابناء الضفة الغربية اجراءات السفر لكنه يجعلهم يخضعون بطريقة ضمنية للسيادة الاسرائيلية وهو الامر الذي كان يرفض التعاطي معه شكلا في الاوساط الشعبية الفلسطينيين ويعتبر من المحرمات الوطنية القومية والدينية فان القضية الفلسطينية هي قضية سياسية. اولا واخيرا وليست انسانية الا بجوانبها المعيشية.
ويعتبر المراقبون ان فتح ميناء رامون الجوي يعتبر بداية حنجلة اسرائيلية كما ان عملية اعطاء اذونات عمل اسرائيلية بطريقة غير مسبوقة يعتبر العنوان الذي يسبق عملية الهضم التي يجرى تنفيذها على ابناء الضفة الغربية من واقع مطار رامون وهو الذى يقع في اقصى جنوب اسرائيل وهو يبعد عن ايلات 20 كيلو فقط ما اعتبر من ادوات الدمج الجغرافي.
وكذلك عملية السماح للعمالة الفلسطينية بالعمل بطريقة طبيعية يعتبر اندماج مجتمعي في الجانب الديموغرافي وذلك لاهلية هذه العمالة مهنيا واجتماعيا لان معظم هذه العمالة تجيد اللغة العبرية وهو ما يعد عنوانا لانخراط ثقافي.
وان كان برنامج رامون حاضرا في قمة العلمين التي عقدت في مصر وكان حاضرا ايضا في قمة استنبول التي جاءت متزامنة معها لكن برنامج رامون ما سيتبعه من اجراءات سيبقى برنامج امني وما يتم الحديث عنه هو حواضن سياسية قد تخدم احتواء المشهد لكنها لا تحقق جملة تعاطي تكون قادرة على فرض تغيير في السياق العام.
بحيث تبدل لمنزلة التمنية بمكانة سياسية فلا برامج التشبيك الاقتصادي سيفيد في بناء حلول استراتيجية ولا موضوع الاعتراف بالدولة له ركايات الا في جغرافية غزة ولا برنامج رامون سيكون له رواده على الرغم من كل الامتيازات والتسهيلات الممنوحة وهو الفضاء الذي سيجعل من برنامج رامون لا رواد له ولا مشروعية قبول تؤيده وحتى لا حواضن شعبية تناصره وسيبقى ابناء الضفة يستخدمون الجسر الرابط مع عمقهم في الضفة الشرقية من النهر مهما جابهتهم تحدتيات او واجههم من معيقات فالشعب الفلسطيني لم يقدم كل هذه التضحيات من اجل تسهيل معيشته بل قدمها من اجل كرامته وسيادته.