مع كل المواقف الأردنية المتقدمة على كل المواقف العربية تجاه السلطة الفلسطينية في رام الله، والدعم الأردني اللامحدود لها، يأتي موقف الأخيرة من محاولات إسرائيل باستهداف الأردن عبر السماح للفلسطينيين باستخدام مطار رامون الاسرائيلي بحجة التخفيف عليهم نتيجة ما تدعيه من وجود صعوبات يواجهها الفلسطينيون على المعابر الأردنية، مع ان الجميع يعلم، أن هذه الصعوبات سببها إسرائيل..
يأتي موقف السلطة بهذا الموضوع مائع وغير مفهوم ولا أريد أن أقول متواطأ..
الأردن منذ أربع وخمسين عاما عندما قرر فتح المعابر والجسور للتسهيل على الفلسطينين وعدم تحويل الضفة الغربية المحتلة إلى سجن كبير، كان بذلك يعبر عن موقفه القومي تجاه الشعب الفلسطيني،وتحمل في سبيل الكثير من اللغمز واللمز..
يأتي موقف السلطة الفلسطينية الأخير بخصوص مطار رامون الاسرائيلي ليشكف مساحة كبيرة من رغبة بعض قيادات السلطة الفلسطينية الانفتاح على إسرائيل دون أي ثمن، والسلطة تعلم تماما أن خطوة إسرائيل هذه لا تتعلق بالضرر الذي سيصيب الاقتصاد الأردني بشكل كبير فقط، بل هو موقف سياسي يعكس كما أشرت الى ما يدور في عقول كثيرين من قيادات السلطة الفلسطينية التي تدعي أنها لا تستطيع منع المواطن الفلسطيني من استخدام "رامون"، مع العلم انها تشدد قبضتها الأمنية وسيطرتها على كل الضفة الغربية وأن قراراتها تنفذ بقبضة حديدية.
بالتأكيد أن موقف السلطة الأخير يشكل طعنة في ظهر الأردن، وأن كل ما تردده قيادات السلطة تجاه الأردن مجاملات لا أكثر ولا أقل، وأن رغبتها الحقيقة هي الانفتاح على إسرائيل، وإدارة الظهر للشرق. ومن جانب آخر، يبرز الموقف التركي في هذا الموضوع كموقف سلبي يميل إلى الفكرة الإسرائيلية، وهنا أسأل المطبلين للقيادة التركية واعتبارها المنقذ للفلسطينيين ماذا يقولون الان؟.
ومن اللافت أيضا وللأسف، أن ما صرح به محمود عباس اليوم بأنقرة يشير إلى أنه من السهل عليه وعلى أركان سلطته تجاوز المواقف الأردنية عندما قال بين يدي" القائد" أردوغان أن تركيا هي المدافع الأول عن حقوق فلسطين، وهي صاحبة الدور الأساسي والمرجع في دفع كثير من دول العالم للاعتراف بفلسطين كدولة، متجاهلا الدور الأردني الذي هو الأساس بهذا الصدد.
من المرجح ان هناك اتفاق تحت الطاولة بين السلطة وإسرائيل على موضوع مطار رامون، وهذا ما يفسر موقفها الغامض وعدم قيامها باتخاذ الإجراءات المطلوبة لإغلاق الباب أمام محاولات إسرائيل فرض التطبيع قصرا على الفلسطينيين، متجاهلة حقوقهم السياسية واختصار المعادلة معهم على النواحي الحياتية.. البند الأهم في صفقة القرن.
المواقف الأردنية كانت وما زالت تشكل سندا قويا للشعب الفلسطيني كما أشرت على مدار عقود طويلة، وبالذات تجاه السلطة الفلسطينية في رام الله، ورفض الأردن التعامل مع أي قوى فلسطينية أخرى على أهميتها، وأصراره أن الشرعية الفلسطينية تمتلكها السلطة الفلسطينية فقط.
إضافة إلى كل ما أشرنا اليه، فإن فتح السلطة الفلسطينية أبواب التطبيع مع إسرائيل يعطي حجة قوية للذين يرغبون في المنطقة بفتح الأبواب على مصراعيها للعلاقات مع إسرائيل.
بات من الضروري أننا في الأردن يجب أن نعيد هيكلة العلاقة مع السلطة الفلسطينية للحفاظ على حقوق الأردن وردع بعض من في هذه السلطة الذين يحاولون القفز باتجاه إسرائيل متجاهلين قصدا الخصوصية الأردنية في القضية الفلسطينية.
وللتذكير فقط فإن اول حلقات المؤامرة على القضية الفلسطينية كان في العام ١٩٧٤..عندما اعتبرت المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني!!