جاء نظام مشاركة طلبة الجامعات في العمل الحزبي الذي واجه رفضاً لعدد من بنوده من قبل الطلبة والمختصين، ليفتح الباب على أهمية توفر المناخ الديمقراطي الذي سيتفتح وعي الطلبة من خلاله إذا كنا معنيين بحياة حزبية سليمة، آخذين في الاعتبار المرحلة العمرية التي يمر بها طلبة الجامعات وتجاذباتها الفكرية وما يمكن أن تؤدي إليه لاحقاً من تحولات حتى استقرار الطلبة على حزب أو تيار بعينه.
فالانتماءات الحزبية في الجامعات ليست نهائية وإنما هي فرصة للتعلم والتعرف على الاتجاهات المختلفة وعلى ممارسة العمل الحزبي بروح ديمقراطية تحترم الاختلاف وتتقبل الآخر، وتذعن لرأي الأغلبية ويكون أساسها الحوار.
ودون هذا الجانب التعليمي والتأكيد عليه ستواجه التجربة عقبات ومطبات كثيرة (إن صح التعبير) تعيدنا إلى الوراء وتعمق الرفض العام للأحزاب والعمل الحزبي .
فالمشاركة الحزبية للطلبة في الجامعات هدفها الأول تدريب الطلبة على العمل الجماعي المنظم وتعميق استجابتهم للمشكلات والقضايا الوطنية وإشراكهم في وضع حلول لها، تمهيداً للمشاركة السياسية الفاعلة لاحقاً المبنية على المعرفة والخبرة والانتماء.
ولا نريد تحويل هذه المشاركة إلى تجربة مؤلمة تدفعهم للانسحاب من المشاركة العامة والعزوف عن الانضمام للأحزاب كما هو الحال الآن .
النظام الذي وضعته لجنة مؤلفة من ثلاثة خبراء قانونيين شكلها وزير التعليم العالي مشكورين، ولمزيد من الفائدة كان بإمكانها الانفتاح على طلبة الجامعات وإشراكهم في الحوار حول بنود النظام وأسس العمل الحزبي المستقبلي، أو إشراك ممثلين عنهم ذوي خبرة ومعرفة في العمل العام (وهم كثر في الجامعات) .
نتفهم الخشية على البيئة الجامعية وأهمية حماية التجربة الحزبية الطلابية من أية تجاوزات على مستوى الأفراد والجماعات، ولكن المزيد من الديمقراطية قد يفيد في ذلك أكثر من التضييق، لأن مشاكل الديمقراطية والانفتاح على التيارات المختلفة في النهاية لا تعالج إلا بمزيد من الديمقراطية والحوار .
أ.د. ريم مرايات
عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية